الخميس، 10 يوليو 2014

تطور العلاقات الأمريكية الليبية




تطور العلاقات الأمريكية الليبية




المصدر:السياسة الدولية

مر منحنى العلاقات الأمريكتين الليبية بمراحل صعود وتدنى، اختلفت من فترة لأخرى حسب طبيعة النظام الدولى وتوجيهات القيادة فى كلا البلدين لعل كان أشدها فترة ولاية الرئيس الأمريكى السابق رونالد ريجان (80 - 1988)، حيث وصلت المجابهة الأمريكية الليبية أخطرها فى عدة مناسبات يمكن تقسيم تطور العلاقات الإسرائيلية الليبية إلى مرحلتين أساسيتين:
أولا: المرحلة الأود صعود العلاقات الأمريكية الليبية (51-1969): اعتبرت هذه الفترة مرحلة نمو وتطور قى العلاقات الأمريكية الليبية، حيث شهدت تلك الفترة توثيق التعاون فى شتى المجالات عن طريق سلسلة من المعاهدات والاتفاقيات، بالإضافة إلى التواجد الأمريكى المكثف فلا ليبيا
(1) المعاهدة الأمريكية الليبية: قبل أن يعلن استقلال ليبيا فى 24 ديسمبر 1951، كانت القوات الأمريكية تحتل مطار الملاحة بالقرب من طرابلس بموجب اتفاق سابق بين الحكومتين الأمريكية والليبية وفى يوم الاستقلال وقع محمود المنتصر رئيس الحكومة الليبية ووزير خارجيتها وأندروج لنش القائم بأعمال الولايات المتحدة فى طرابلس اتفاقية بين الحكومتين لإقرار الوضع الأمريكى القائم فى ليبيا هذه الاتفاقية كسابقتها البريطانية التى وقعت 28 يوليو 1953، فرضت على ليبيا تواجدا أمريكيا لمدة 20 عاما وأصبح للولايات المتحدة بموجب هذه المعاهدة أكبر قاعدة فى الشرق الأوسط وهى مطار الملاحة، إلا أن المعاهدة لم تلبث وإن أثيرت حولها الاحتجاجات الليبية، وبعد مناقشات استمرت سنتين وقع على تعديل للمعاهدة فى قصر الحكومة ببنغازى فى 9 سبتمبر 1954 ولكن التعديل الجديد تناول فقط بعض الاختصاصات الإدارية والقضائية وزيادة المساعدات الاقتصادية بحيث تشمل 40 مليون دولار، دون المساس بالتواجد الأمريكى فى ليبيا (2) اتفاقية المساعدة العسكرية عقدت الولايات المتحدة اتفاقية جديدة فى 30 يونيو 1957 أطلقت عليها اسم اتفاقية المساعدة الأمريكية نظمت الاتفاقية طريقة تزويد ليبيا بالمعدات الحربية الأمريكية، وعينت بموجبها الحكومة الأمريكية بعض رجالها العسكريين الذين التحقوا بالسفارة الأمريكية لبحث مطالب ليبيا وحاجاتها العسكرية وقد أثارت هذه الاتفاقية مناقشات شديدة نظرا لعدم إعلان نصوصها من جانب الحكومة الليبية بالإضافة إلى ذلك شملت الاحتكارات البترولية الأمريكية حوالى 90 % من إنتاج البترول الليبى وقد برزت الشركات الأمريكية النفطية كقوة احتكارية فى ليبيا على اثر صدور قانون 1955 ثانيا: المرحلة الثانية: تدنى العلاقات الأمريكية الليبية
(70- 1988): بدأت مرحلة الانحسار فى العلاقة الأمريكية الليبية، مع ثورة الفاتح من سبتمبر 1969، حيث تأثرت القيادة الثورية الليبية بنسق القيم والأفكار الثورية التى عمت المنطقة العربية خاصة تلك المتعلقة بالتخلص من النفوذ الغربى ومن ثم بدأت المفاوضات مع بريطانيا للجلاء فى 8 ديسمبر 1969، تم التوصل إلى اتفاقية فى 14 ديسمبر من نفس العام تسمح بجلاء القوات البريطانية فى موعد أقصاها 31 مارس 1970 كما بدأت المفاوضات مع الولايات المتحدة لإجلاء القوات والقواعد الأمريكية فى 15 ديسمبر 1969 صدر بلاغ رسمى فى طرابلس 23 ديسمبر 1969 أعلن فيه أنه تم الاتفاق على جلاء القوات الأمريكية ومعداتها عن قاعدة هويلس وجميع القواعد فى ليبيا مع نهاية شهر يونيو 1970 تعتبر فترة بداية السبعينات هى البداية الحقيقية لتوتر العلاقات بين البلدين، حيث بدأت ليبيا منذ مارس 1973 فى اعتراض الطائرات الأمريكى التى تحاول الاقتراب من خليج سرت أو الأراضى الليبية، بالفعل فى 21 مارس 1973 أطلقت الطائرات الليبية قذائفها عل طائرة أمريكية من طراز هرفل ولم تصبها كما بدأت ليبيا نحو تأميم البترول الليبى ففى يونيو 1973 أعلنت ليبيا عن تأميم 51 %من شركة أوكسيدنتال بتروليم الأمريكية كما قامت بتأميم 51 % من اكبر الشركات المنتجة للبترول فى ليبيا فى أغسطس من نفس العام وهى مجموعة أواسنير كما اصطدمت أفكار الزعيم الليبى القذافى عن دعم الثورة فى كل مكان ومحاربة الاستعمار، بالدور الأمريكى فى العالم فيما يسمى بمحاربة الإرهاب حيث بدأت الولايات المتحدة بالضغط على القذافى لمحاولة وقف مساندته للإرهاب وكانت أولى هذه الخطوات فى عام 1975 حينما امتنعت الولايات المتحدة عن تسليم ليبيا ثمانى طائرات من طراز س 130 هيركوليس تم التعاقد عليها فى عام 1972 وتبلغ 70 مليون دولار، فى 12 أبريل 1978 قررت الحكومة الأمريكية وقف تزويد ليبيا ب400 عربة نقل متطورة بسبب احتمال استخدامها فى نقل الدبابات السوفيتية من ليبيا إلى أماكن أخرى كما ألغت الحكومة الأمريكية فى25 مايو 1979 بيع ثلاث طائرات من طراز جامبو 747 بسبب الكشف عن وجحد دور للخطوط الجوية الليبية فى مساعدة ونقل الإمدادات إلى حكومة عيدى أمين أثناء الحرب الأهلية التى أدت إلى الإطاحة به فى أوغندا وصلت العلاقة بين البلدين إلى مرحلة اللاعودة حينما قام حوالى 2000 متظاهرا فى 2 ديسمبر 1979 بالهجوم على مقر السفارة الأمريكية فى ليبيا وإحراقه على الفور بدأت الحرب الدبلوماسية بين البلدين حينما قررت الحكومة الأمريكية فى ديسمبر 1979 وقف أعمالها الدبلوماسية فى ليبيا احتجاجا على حرق سفارتها فى طرابلس ومع بداية عام 1980 قررت الولايات المتحدة سحب جميع دبلوماسييها فورا من ليبيا وتجميد العلاقات معها احتجاجا على إحراق السفارة الأمريكية ومكاتبها فى طرابلس وبنغازى ولعل أكثر ما يشد الانتباه فى نهاية السبعينات هو المكان البارز الذى شغلته قضية العلاقة بين الولايات المتحدة وليبيا من خلال قضية شقيق الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر (76 -1980) والتى أصبحت أحد ركائز حملة الحزب الجمهورى ضد الحزب الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة فى نوفمبر 80 يمكن تلخيص قضية بيلى كارتر فى اكتشاف علاقة غير مشروعة بينه وبين الحكومة الليبية، بدأت منذ سبتمبر 1978 ومع بداية الثمانينات وتسلم إدارة ريجان السلطة، أخذت مرحلة تصعيد التوتر تتصاعد اكثر فأكثر وكتعبير عن الخط الجديد للإدارة الأمريكية إعلان ريجان عن استراتيجية لاستعادة هيبة الولايات المتحدة عن طريق القوة حيث قرر كل من ريجان ووزير خارجيته الكسندر هيج أن يجعلا من ليبيا نقطة اختبار عملى لتلك الاستراتيجية واتخذ الرئيس ريجان زمام المبادرة بسرعة لتطبيق استراتيجيته عن طريق سياستين:
أولا: سياسة العقوبات الاقتصادية: لم يكن موضوع العقوبات الاقتصادية بجديد إلا أن إدارة ريجان عملت على تشديد وتدعيم تلك العقوبات، كانت أولى خطواتها فى 29 أكتوبر 1981 عندما فرضت الولايات المتحدة قيودا جديدة على مبيعات الطائرات المدنية وقطع الغيار المتعلقة بها إلى ليبيا فى عام 1982 أقدمت إدارة ريجان على فرض عقوبات اقتصادية على ليبيا، حيث حظرت استيراد النفط الليبى، وألحقته بقرار حظر تصدير المنتجات الأمريكية إلى ليبيا ولا فيما التقنيات العالمية الخاصة بالصناعات النفطية والمنتجات العسكرية على اختلافها إما مباشرة أو عن طريق طرف ثالث وفى 7 يناير 1986 فرضت إدارة ريجان عقوبات اقتصادية شاملة على ليبيا، حيث تم تجميد الأرصدة المالية ولليبية فى الولايات المتحدة وحظر كل أنواع التجارة والسفر والقروض والمعاملات التجارية من أى نوع مع ليبيا، بل أمر ريجان كافة الرعايا والعاملين الأمريكيين فى ليبيا ويقدر عددهم 1500 أمريكى بمغادرة ليبيا فورا، وطلب ريجان من الشركات النفطية الأمريكية إنهاء عملياتها وتحويل موجوداتها من ليبيا فى إطار الحظر التجارى الشامل على ليبيا غير أن الإجراءات الاقتصادية الأمريكية لم تحقق أهدافها ولم يحد غياب التقنية الأمريكية من قدرة ليبيا على استغلال مواردها النفطية ويعود إخفاق الإجراءات الاقتصادية الأمريكية خاصة فى عام 1982 إلى عدم تجاوب حلفائها فى أوروبا الغربية واليابان إلى الحد الذى يؤثر فعليا على ليبيا حيث جاءت ردود الفعل عفى درجة كبيرة من الحذر الأمر الذى ظهر فى البيانات الرسمية التى صدرت عن عواصم بعض الدول الغربية، عقب إجراءات 1986 أعلنت إيطاليا عن شكوكها إزاء جدوى العقوبات الاقتصادية ولم تهتم ألمانيا الغربية بغرض مقاطعة اقتصادية على ليبيا مهما كأن نوعها حتى بريطانيا أوثق الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة والتى سبق وان قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ليبيا فى عام 1984 اثر أزمة المكتب الشعبى ومقتل الشرطية البريطانية أبدت بدورها فتورا ظاهر اتجاه دعوة ريجان للاشتراك معها فى مقاطعة الجماهيرية إذا أشار مسئول فى الخارجية البريطانية إلى قناعة حكومته بعدهم فعالية المقاطعة الاقتصادية لا تزال قائمة لعل آخر تراجع أمريكى عن سياسة العقوبات الاقتصادية تمثل فى قرار الرئيس ريجان فى 19 يناير 1989 وفيه فوض شركات النفط الأمريكية باستئناف عملياتها عبر فروع أوروبية فى ليبيا وبالرغم من أن إدارته جددت اتهاماتها للزعيم الليبى بأنه مازال يدعم بنشاط الإرهاب الدولى وهو السبب الأصلى لحظر نشاطات تلك الشركات فى ليبيا
ثانيا: سياسة المواجهات العسكرية المحدودة: لجأت إدارة ريجان لهذه السياسة ضمن استراتيجيته الشاملة لمحاولة لتحقيق هدفين الأول: وقف ما أسمته بالدعم الليبى للإرهاب الدولى الثانى محاولة خلخلة الرضع الداخلى فى ليبيا لإتاحة الفرصة للعناصر المعارضة لإسقاط القذافى ضمن هذه السياسة وفى أغسطس 1981 اشتبكت طائرات الأسطول الأمريكى التى كانت تشارك فى مناورات عسكرية قبالة السواحل الليبية مع طائرتين مقاتلتين ليبيتين من طراز أس يو/ 22 حاولتا صد الطائرات الأمريكية التى توغلت فى خليج سرت وقد أسقط الأمريكيون الطائرتين يزعم أن واحدة منهما أطلقت صاروخا على الطائرة الأمريكية من طراز أتول جو جو أخطأ هدفه والأخرى اتخذت وضعا مناسبا لإطلاق النار فى 23 مارس 1986 تجمعت قوات تدخل بحرية أمريكية فى البحر المتوسط قبالة السواحل الليبية شرعت فى إجراء تدريبات تحت مسمى حرية الملاحة فى خليج سرت وبعد مضى يومين أطلقت ليبيا صواريخ مضادة للطائرات على طائرة أمريكية توغلت فى الخليج وردت الولايات المتحدة بمهاجمة السفن الليبية وقواعد صواريخها فى البر الليبى وبعد هذا الاعتداء غادر الأسطول الأمريكى خليج سرت فى 27 مارس 1986 فى 14 إبريل 1986 أعلن ريجان أن القوات الأمريكية الجوية والبحرية شنت هجمات على طرابلس وبنغازى بزعم أن لليبيا دورا فى زرع القنابل فى أوروبا كان سلاح الجو قد استخدم قاذفات القنابل التابعة للبحرية الأمريكية من طراز أف 111 المزودة برادارات متطورة والتى انطلقت من قواعدها فى بريطانيا لأن الأسطول المرابط أمام السواحل الليبية لم يكن تتوفر له الطائرات الهجومية المتخصصة واستطاعت ليبيا إسقاط إحدى هذه الطائرات ومقتل قائدها الأسلحة الكيميائية الضجة الأمريكية حول مصنع الرابطة: انتهت المعركة الجوية التى أسقطت فيها مقاتلتان أمريكيتان طائرتين ليبيتين فى سماء البحر المتوسط فى الرابع من يناير الماضى ليثار جدل دولى عنيف حول الدوافع الأمريكية للقيام بهذا العمل وفى نفس الوقت كانت قضية الأسلحة الكيميائية قد احتلت مكانتها، بعد أن دعت الولايات المتحدة إلى عقد مؤتمر دولى بهذا الشأن ولتجديد الالتزام ببروتوكول جنيف 1925 الذى يخطر استخدام المواد الكيميائية السامة فى الحروب وفى 7 يناير عقد مؤتمر باريس حول الأسلحة الكيميائية، وحضرته 130 دولة وبعد أربعة أيام أعرب المجتمعون عن قلقهم البالغ بسبب الانتهاكات الخطيرة، ودعا المؤتمر إلى إجراء مفاوضات عاجلة للتوصل إلى معاهدة لحظر إنتاج الأسلحة الكيميائية وليس حظر استخدامها كما يدعو بروتوكول جنيف 1925 واسهم المؤتمر فى تعميق النزاعات بين الدول المشتركة فيما يتعلق بهذه المعاهدة المقترحة حاولت الولايات المتحدة إدانة ليبيا داخل المؤتمر أو الخروج بيان يدعم اتهامات الولايات المتحدة بخصوص مصنع الرابطة لتبرير أى عمل عسكرى فى المستقبل ضدها والوفود العربية جاءت وهى ترى أنه من الظلم مطالبة بعض الدول بالتخلى عن إنتاج أسلحة كيميائية فى الوقت نفسه يسمح فيه لدول أخرى كإسرائيل بإنتاج الأسلحة النووية لم تزل قضية الأسلحة الكيميائية ساخنة على الساحة الدولية وتثير جدلا عنيفا حتى بين الحلفاء الغربيين أنفسهم بالرغم من أن موضوع مصنع الرابطة ليس جديدا ومن ناحية أخرى أعلن الرئيس الأمريكى الجديد جورج بوش أن مشروع ليبيا لإنتاج الأسلحة الكيميائية المتوقع لن يكون مقبولا من جانب الولايات المتحدة لأنه لا يهددها وحدها فقط بل يهدد دولا أخرى، كما رفض بوش الإفصاح عما إذا كان يؤيد اتخاذ إجراءات لمنع ليبيا من إنتاج الأسلحة الكيميائية السند القانونى لرد الفعل الأمريكى: تناول موضوع الحرب الكيميائية الذى جرى بحثه فى باريس، مسألة تسليح ليبيا نفسها أو ربما آخرين بالأسلحة الكيميائية وأخطاره ولكن هناك تناقض غريب فى موقف الولايات المتحدة بروتوكول جنيف 1925 يحظر استخدام الأسلحة الكيميائية ولا يحظر إنتاجها أو تخزينها وهذا هو موضوع الاتفاقية التى يجرى بحثها فى جنيف منذ عام 1980 وتصر الولايات المتحدة فى هدد المفاوضات على إجراء تفتيش ميدانى كوسيلة ضرورة للتحقق من الالتزام بالاتفاقية، إذن فلدى ليبيا نفس الحق حسب النص القانونى الذى تتمتع به الولايات المتحدة من إنتاج وتخزين السلاح الكيميائى كسلاح رادع وبالتالى لا يمكن تخيل وجود أساس قانونى لأى عمل عسكرى أمريكى ضد مصنع الرابطة فى هذا الإطار نجد أن هناك أكثر من دولة اتهمتها الولايات المتحدة علنا ليبى فقط بإنتاج الأسلحة الكيميائية بل واستخدامها أيضا (كان آخرهم العراق) مما يمثل خرقا واضحا لميثاق جنيف وحيث رفضت العراق استقبال فريق من المفتشين التابعين للأمم المتحدة، مع ذلك لم تلجأ الولايات المتحدة حتى إلى التلميح بأنها قد تقوم بعمل عسكرى بل وتجنبت الإدارة الأمريكية الضغط لفرض عقوبات اقتصادية ضدها مستقبل العلاقات الأمريكية الليبية بعد ريجان يمكن القول أن ليبيا بدأت تتخذ خطوات دولية ملموسة نحو تحسين صورته وعلاقاتها الدولية وفى حديث لشبكة التليفزيون الأمريكية
ABC صرح العقيد القذافى بأنه يتطلع لأجراء حوار مباشر مع حكومة بوش كما أعلن معارضة بلاده لكافة أشكال الإرهاب، أكد أنه لا يريد إزالة إسرائيل، فقد أن القضية هى إيجاد مادى أمان للشعب الفلسطينى وكما عبر د/ على التريكى مندوب ليبيا الدائم فى الأمم المتحدة عن مستقبل هذه العلاقات بعد ريجان بقوله أنه لا يتوقع حدوث تغير رئيس وسريع فى سياسة الولايات المتحدة تجاه ليبيا خلال عهد بوش إلا أنه أكد أن هناك بوادر مشجعة فيما يخص هذه الحلاقات، وأوضح التريكى أن هذه البوادر تتمثل فى القرار الأمريكى الخاص بإلغاء المناورات العسكرية الأمريكية بالقرب من الشواطئ الليبية وسحب حاملات الطائرات الأمريكية من هناك كما تشمل السماح للشركات النفط الأمريكية بالعودة إلى العمل فى ليبيا، مشيرا إلى أنها جميعا مبادرات جديدة وأضاف أن بلاده أبدت الاستعداد لإعادة علاقات متكافئة ومتوازنة مع الولايات المتحدة وأنها تنظر من واشنطن وقف سياستها المعادية لليبيا ولكن الرد الأمريكى جاء من خلال وثيقة أصدرتها الخارجية الأمريكية بعنوان القذافى مستمر فى دعم الإرهاب وتأتى هذه الوثيقة بعد أن حاول القذافى إرسال وسائل عبر التليفزيون الأمريكى والقنوات الدبلوماسية لبدء حوار مع إدارة بوش وعملت استعداده لتلبية دعوة لزيارة واشنطن وتسليمه لجثة الطيار الأمريكى الذى أسقطت طائرته فى غارة أبريل 1986 ولكن الوثيقة أكدت أن الشروط الأمريكية مازالت عديدة ولم تتغير وجاء فى الوثيقة على الرغم من المظهر العام الذى يوحى بالاعتدال مازالت ليبيا تقدم الدعم للإرهاب، أنها لم تتغير وأن لليبيا سجلا فى السعى لزعزعة استقرار الحكومات العربية والإفريقية المعتدلة، وقد وفر القذافى القواعد الأمنية والمال والسلاح لا بل الإسناد اللوجستى خلال السنوات الماضية إلى جماعات فلسطينية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة وجماعة أبو نضال التى نقلت قيادتها إلى ليبيا فى 1987 بعد أن طردتها سوريا وتتهم الوثيقة هاتين المنظمتين بأنهما وراء العمليات الإرهابية فى الشرق الأوسط وأوروبا وكانت آخرها فى 11 يوليو 1988 عندما نفذت عملية بالبنادق الرشاشة والقنابل اليدوية على السفينة اليونانية السياحية ستيى أوف بوروس والهجوم بالرشاشات والقنابل فى15 مايو 1988 على فندق أكروبول ونادى السودان فى الخرطوم الذى أدى إلى مقتل 8 أشخاص وجرح العشرات وتفجير سيارة ملغومة أمام السفارة الإسرائيلية فى نيقوسيا فى مايو 1988 ومنظمة الجيش الأحمر اليابانى: الذى تعتبره الوثيقة مسئولا عن الحادث الذى وقع خارج نادى برتاده وأفراد القوة الأمريكية فى نابولى الإيطالية فى 24 أبريل 1988 وهو الحادث الذى أدى إلى مقتل 5جنود وجرح أكثر من 20 جنديا والهجوم على السفارة الأمريكية فى روما فى يونيو 1987 ومنظمة 9 أبريل المعروفة باسم أم 19 التى وراء تفجير قنبلة فى المكتب الثقافى الأمريكى فى 14 أبريل 1988 فى العاصمة السريلانكاية كولومبو كما أن هذه المنظمة تلقت تدريبا وأسلحة فى ليبيا حركة توبا ماروس الذى كانت وراء هجومين استهدفا مكتبين تابعين للمركز الثقافى الأمريكى فى ليما عاصمة بيرو فى 16 أبريل 1988 وتعتبر هذه الحركة موضع الشبهة الرئيسى فى الهجوم الذى وقع فى 19 أبريل 1988 بالقرب من المركز الثقافى الأمريكى فى مدينة سان خوسيه الجيش الجمهورى الايرلندى كانت السلطات الفرنسية قد اعترضت فى أواخر 1987 شحنة أسلحة ليبية قدرت حمولته ب 150 طنا من الأسلحة شملت صواريخ أرض جو كانت مرسلة إلى الجيش الجمهورى وهناك أدلة قاطعة على أن تلك الحمولة مصدرها ليبيا كما اكتشفت السلطات البريطانية فى أكتوبر 1988 مخبأ للأسلحة يعتقد أنها جاءت من شحنة ليبية سابقة فى مؤسسة للمتقاعدين غربى بلفاست فى أيرلندا الشمالية بالإضافة إلى ذلك تبين الوثيقة أن هناك سجلا كاملا لعمليات القذافى لتصفية معارضيه السياسيين خارج ليبيا فى عام 1988 وبالإضافة إلى محاولة زعزعة الحكومات العربية والأفريقية، وتتهم الوثيقة ليبيا بمحاولة الحصول على مناطق نفوذ فى القارة الأفريقية عن طريق الدبلوماسية النشطة المقرونة بالإرهاب بالنسبة للأسلحة الكيميائية تؤكد الوثيقة أن هناك أدلة على أن ليبيا أصبحت على وشك البدء فى إنتاج الأسلحة الكيميائية على نطاق واسع، حيث تم بناء مجمع صناعى ضخم فى مدينة الرابطة التى تبعد حوالى 80 كم2 إلى الجنوب الغربى من طرابلس، وسيكون المصنع إذا أصبح كامل التشغيل أضخم مصنع لإنتاج عناصر السلاح الكيميائى فى العالم الثالث وعلى الرغم من ادعاء القذافى فى أكتوبر 1988 أن مصنع الرابطة يستهدف إنتاج العقاقير والأدوية ولكن المصنع على العكس من إدعاء القذافى يستهدف فى المقام الأول إنتاج الأسلحة الكيميائية والمعدات المتخصصة وتتميم البناء وإجراءات الأمن حول المجمع تزيد بكثير عن متطلبات مجمع تجارى وأن احتمال اكتساب ليبيا القدرة على إنتاج الأسلحة الكيميائية أمر مثير للقلق الشديد خاصة فى ضوء تقارير عن استخدام ليبيا للأسلحة الكيميائية فى حربها فى تشاد 1987 وهذا أيضا مثير للقلق فى ضوء استمرار ليبيا فى مساندة الإرهاب وتاريخها المعروف بإمداد الآخرين بالأسلحة فى النهاية تسرد الوثيقة لائحة طويلة على عشر صفحات بإحدى وخمسين عملية إرهابية قام بها القذافى فى أنحاء العالم ما بين 79 1988 جرى بعضها فى الدول العربية نفسها .

الاثنين، 7 يوليو 2014

العلاقات التركية الايرانية



 العلاقات التركية الايرانية




يمكن وصف العلاقات التركية الإيرانية بأنها "ليست حميمة ولا عدائية" ويعود ذلك إلى الحساسية الفائقة التي تحكم العلاقات بينهما، لأسباب تاريخية تتعلق بالنظرة المتبادلة إزاء الصراع "العثماني- الصفوي"، وأسباب معاصرة تتعلق بالأيديولوجية السياسية للبلدين والتنافس بينهما على النفوذ في آسيا الوسطى والشرق الأوسط، إضافة إلى القضايا الأمنية المشتركة عبر الحدود.‏
منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 تعتقد "تركيا العلمانية" أن "إيران الراديكالية" تشكل خطراً على نظامها العلماني وترى أن صعود التيار الإسلامي في تركيا سببه -بهذا القدر أو ذاك- إيران التي تمارس جهوداً لتصدير الثورة إلى تركيا. في المقابل، ترى إيران أن الحكومة التركية التي تحارب الإسلام والنشاط الإسلامي في تركيا باسم "حماية المبادئ العلمانية للدولة التركية" وكذلك علاقة تركيا المتميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى علاقتها الوثيقة مع إسرائيل والتي تتوطد يوماً بعد آخر وترتقي إلى مستوى الحلف، ترى طهران أن مجمل السياسة التركية هذه تشكل تحدياً لسياستها الخارجية.‏
في الوقت نفسه، تتقاسم أنقرة وطهران الهموم الأمنية المشتركة عبر الحدود، فالاتفاق الأمني الموقع بين البلدين في أيلول عام 1992 لم يحقق الثقة الكاملة بشأن المسائل الأمنية. وأنقرة تتهم طهران بتقديم الدعم لحزب العمال الكردستاني وللإسلاميين في تركيا، فيما طهران تتهم أنقرة بتقديم الدعم لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية.‏
اقتصادياً مع انهيار الاتحاد السوفياتي واستقلال الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى عن روسيا برز عنصر جديد في العلاقات التركية- الإيرانية، وقد تمثل هذا العنصر في المنافسة على ربط هذه الجمهوريات اقتصادياً بمشاريعها الاستراتيجية خاصة في مجال مشاريع النفط والغاز.‏
أما بالنسبة لباقي الدول الإسلامية: دول الخليج العربي ودول المغرب العربي ومصر ونيجيريا وباكستان وأندونيسيا وماليزيا.. الخ. فلا تكاد تكون هناك مشكلة سياسية بالمعنى الخلافي بين تركيا وهذه الدول. إنما تسعى تركيا إلى تطوير علاقاتها الاقتصادية مع هذه الدول وتأسيس مجموعات اقتصادية معها كمجموعة الدول الثمانية: تركيا، مصر، باكستان، إيران، بنغلادش، نيجيريا، ماليزيا، وأندونيسيا. والتي تأسست عام 1997 وقد عقد المؤتمر الأول لرؤساء المجموعة في استانبول في حزيران 1997 وتحرص تركيا على تصدير منتجاتها وخاصة المواد الغذائية وبعض الآليات ومؤخراً الأسلحة إلى هذه الدول واستيراد المواد الأولية منها لا سيما النفط والغاز


ستالين والصهيونية



العلاقة بين ستالين والصهيونية

فايز رشيد Thursday 01-03 -2007
بادئ ذي بدء، أن هذه الدراسة تهدف الى قراءة منصفة لحدث سياسي، شكل انقلاباً جذرياً في خريطة منطقتنا العربية، وقلب عوامل وموازين الصراع فيها رأساً على عقب، وترك بصماته الواضحة عليها، وكأمة عربية عشنا ومازلنا نعيش مآسي هذا الحدث.

فإعلان الدولة الاسرائيلية وهذا الحجم من التأييد الدولي، بما فيه الاعتراف السوفييتي آنذاك بقيام مثل هذه الدولة، يجب ان يظل موضوعاً للنقاش والحوار، ذلك ان المنطق كان يقول:
بعدم صوابيه الموقف السوفييتي آنذاك، وهذه النقطة بالذات كانت وماتزال مثار للحوار والجدل والخلاف بين كافة الأحزاب والتيارات الوطنية والقومية العربية لسنوات طويلة.
إن إثارة هذا الموضوع لا تستهدف النخر في الجسد السوفييتي المنهار وعلى قاعدة «اذا وقعت البقرة، كثرت السكاكين»، ولا تستهدف كذلك الإقلال من حجم التأييد السوفييتي الكبير لعموم القضايا العربية، وعلى الأخص التحريرية منها، ولا محاولة وضع نقاط سوداء على تاريخ الحزب الشيوعي السوفييتي، فالمرحلة الستالينية في تاريخ هذا الحزب، وباعترافه من خلال أدبياته، تميزت بالفردية المطلقة التي مارسها الزعيم السوفييتي آنذاك.

التناقض:
لطالما تساءل كثيرون عن تناقض الموقف السوفييتي في عام 1948، إذ ان الدولة الاشتراكية الأولى في العالم، كانت هي الثانية بعد الولايات المتحدة التي اعترفت بتأسيس اسرائيل، هذا الموقف السوفييتي لم يكن مفهوماً لا من الجماهير العربية عموماً، ولا من حركة التحرر الوطني العربية بشكل خاص، فيما بعد ذلك لانه لا يمكن الجمع في نفس الوقت بين الإدعاء بتأييد حركات التحرر في العالم أجمع، وتأييد قيام كيان عنصري اغتصابي، تشكل عنوة وبتأييد مباشر من قطبي المعسكر الامبريالي آنذاك بريطانيا والولايات المتحدة بعد ان تم طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين، وبعد ان قامت العصابات الصهيونية بالعديد من المذابح من اجل تهجير المزيد من الفلسطينيين، كان الموقف السوفييتي وظل بعدها مستغرباً، وامتد ذلك الى ما بعد انهيار النظام الاشتراكي.

وفي الإجابات السوفييتية الرسمية وغير الرسمية عندما كان يتم طرح مثل هذا التساؤل حول أوجه التناقض، كانت الاجابات تتمثل: تمكن اسرائيل من ممارسة عملية تضليلية على الدولة السوفييتية، بأنها ستكون الدولة الاشتراكية الأولى في المنطقة العربية، وكذلك عندما كان المندوب السوفييتي في الأمم المتحدة يلقي خطاباً، كان المندوبون العرب يخرجون من القاعة، لذلك كان مبررا ومشروعاً من وجهة نظرهم الاعتراف السوفييتي بالدولة الاسرائيلية آنذاك.

الخلفية النظرية:
المنطق السابق لا ينسجم مع التاريخ السوفييتي نفسه، فالنظام الذي استطاع تمريغ أنف الوحش النازي في التراب، وحزب عريق كالحزب الشيوعي السوفييتي، لم يكن من السهل تمرير عمليات الخداع الصهيوني عليه، خاصة ان هذا الحزب امتلك العديد من التجارب، ومنذ بدايات القرن العشرين مع ما كان يسمى «حركة الطبقة العاملة الهيودية»، عندما أراد ممثلو هذه الحركة دخول الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي «الحزب الشيوعي السوفييتي فيما بعد» كممثلين للطبقة العاملة اليهودية، يومها رفض لينين وقادة الحزب دخولهم على هذا الاساس وفقط تم السماح لهم بالانتماء الى الحزب كأفراد عاديين، لان الأدبيات الماركسية ومن ثم اللينينية فيما بعد.. نفت مفهوم وجود اليهودية كشعب/أمة، واعتبرتها دينا مثل باقي الأديان، وأوضحت هذه الأدبيات ان حل المسألة اليهودية يكمن فقط في انتماء اليهود الى الدول التي يعيشون فيها، واعتبرت هذه الادبيات كذلك الحركة الصهيونية حركة تمثل مصالح الرأسمالية، بما فيها البورجوازية اليهودية، في الهجوم على مصالح الفقراء، ومن ضمنهم الفقراء اليهود.

ولأن ممارسة قادة «حركة الطبقة العاملة اليهودية» في صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطية الروسي تناقضت مع تعهداتهم وتغلب انتماؤهم لحركتهم على انتمائهم للحزب، اضطر الحزب بقيادة لينين الى فصلهم من صفوفه، وبيّن الحزب خطورة هذه الجماعة على عموم الحركة العمالية العالمية.

ولإلقاء الضوء على مسألة الاعتراف السوفييتي بالدولة الاسرائيلية صدر في الفترة الأخيرة كتاباً في موسكو للكاتب السوفييتي غيرمان سميرنوف ترجمه الى العربية د. سلطان القسوس، تحت عنوان «كيف تكونت الدولة الصهيونية أو قصة القنبلة النووية السوفييتية».

وفي هذا الكتاب تتبين معالم جديدة في الاجابة على التناقض حول الاعتراف باسرائيل، من زاوية الفهم النظري الايديولوجي، الذي يمنع وصولاً الى تحريم وتجريم مثل هذا الاعتراف، وبين الواقع العملي، الذي داس على كل المفاهيم النظرية، وساعد على اخراج هذا الكيان الى حيز الوجود والحركة - الصهيونية من جانبها، والتي اعتمدت المبدأ الميكافيلي بأن «الغاية تبرر الوسيلة»، لم يكن لديها محرمات - حتى الدم اليهودي نفسه - في سبيل تحقيق اهدافها. ومن اجل فهم أبعاد العلاقة بين الحركة الصهيونية من جهة وستالين من جهة أخرى كان لابد من التطرق الى علاقة الحركة الصهيونية وتحالفها مع النازية والمراحل مر بها هذا التحالف.

التحالف بين الحركة الصهيونية والنازية:
يتطرق الكتاب الى علاقة الحركة الصهيونية مع النازية مكذباً اسطورة الكرة النازية لليهود فقد جاء في اعترافات ديتير فيسليتشيني - أحد معاوني ايخمان - المسؤول عن - المسألة اليهودية - في ادارة الأمن القومي الهتلرية «انظر محاكمات نورنبرغ - الجزء الثاني، موسكو 1951، الصفحات 22/23» عندما سأله المحقق الأمريكي العقيد بروكهارت: هل يمكن تقسيم سياسة السلطات النازية بالنسبة لليهود الى مراحل معينة؟

أجاب فيسليتشيني: نعم، حتى عام 1940 كان هناك تعميم - يقول بوجوب حل المسألة اليهودية في ألمانيا وفي المناطق المحتلة عن طريق الترحيل المبرمج.  المرحلة الثانية - بدأت بعد ذلك تجميع اليهود في بولندا وغيرها من المناطق الشرقية التي تحتلها المانيا على شكل غيتو واستمرت هذه المرحلة تقريبا حتى بداية عام 1942.
المرحلة الثالثة: كانت ما سمي بالحل النهائي للمسألة اليهودية، أي القضاء المنظم عليهم، هذه المرحلة استمرت حتى اكتوبر 1944، عندما اصدر هملر امراً بايقاف هذه الاعدامات.  وحول العلاقة بين القيادتين الهتلرية والصهيونية يقول البروفيسور غ.ل بونداريفسكيني في المؤتمر الصحفي للجمعية السوفييتية المناهضة للصهيونية يوم 12 اكتوبر 1984 «انظر الكتاب الابيض، موسكو 1985، ص125».

لقد سمى بونداريفسكي في معض حديثه عن الحلف النازي - الصهيوني في الثلاثينيات، ثلاثة أهداف رئيسية توخاها الصهاينة:
الأول - التحكم بيهود ألمانيا الذين بلغ عددهم 500 ألف إلا ان من يدعم الصهيونية منهم لا يتعدى 3% بنتيجة التآمر بين الصهيونية والنازية، تم القضاء على كل المنظمات اليهودية غير الصهيونية بقي فقط «الاتحاد الصهيوني في ألمانيا» الذي أعيد تنظيمه باسم «الاتحاد الامبراطوري ليهود ألمانيا»، لقد منعت جميع الصحف والمجلات اليهودية عدا النشرة الصهيونية «يوديشه دونداتو».

الهدف الثاني - كما يقول البروفيسور بونداريفسكي - ترحيل رأسمال البرجوازية اليهودية الضخمة في المانيا واستثماره في المؤسسات الصهيونية في فلسطين.
في يونيو 1933 وقعت اتفاقية سرية بين الوكالة اليهودية من خلال البنك الانجليزي - الفلسطيني، وبين وزارة الاقتصاد النازية، وبموجبها، وخلال خمس سنوات 1933 - 1938، تمكن الصهاينة من ضخ 40 مليون دولار بهذه الطريقة الى فلسطين، وهذا يعادل 60% من كل الاستثمارات في فلسطين آنذاك. وهكذا بمساعدة من المانيا النازية - التي ربحت من هذه العملية حوالي 50 مليون دولار. تم وضع الاساس الاقتصادي لاسرائيل.

اما الهدف الثالث - الذي سعى اليه الصهاينة، فكان يتلخص: في استغلال السياسة العنصرية للنازيين لاجبار يهودالمانيا والدول الاخرى على الهجرة الجماعية الى فلسطين.  ومن اجل تحقيق هذا الهدف تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات مع دائرتي الداخلية والغستابو برئاسة هملر (انظر الكتاب الابيض، موسكو، 1985، ص 128).

في اكتوبر 1937 التقى في فلسطين (ايخمان) و(هاغن) كممثلين عن النازية مع (بو كليس) ممثل المنظمة الارهابية الصهيونية (الهاجناه)، وفي هذا اللقاء تم تزويد الغستابو بأية معلومات عن التنظيمات اليهودية في الدول الاوروبية وعن اية نشاطات لها ضد النازيين، مقابل دعم هؤلاء لاقامة الدولة الصهيونية.

وكما يقول المؤلف غيرمان سميرنوف: اغلب الظن ان المعلومات الاستخبارية التي زودها الصهاينة لهتلر اتفقوا على انها لم تكن تتعلق «بنشاطات المنظمات اليهودية» فقط، كذلك المعلومات التي كانت تعكس نشاطات حكومات ودوائر الدول المجاورة. فخلال اية مفاوضات كان الجانب النازي يعلم مسبقا كل ما يمكن ان يقوله الطرف الآخر (انظر - غالدر - المذكرات الحربية، الجزء الاول ص 39، بيزمينسكي، الالغاز المكشوفة للرايخ الثالث جزء 1 موسكو 1984، الصفحات 156. 170، 176).

نهاية التحالف الصهيوني النازي جاءت في ديسمبر 1941 عندما تحول هتلر من زعيم منتصر الى زعيم مصيره الاندحار.
اسباب هذا التحول الدرامي حللها بالتفصيل المؤرخ الالماني هافنر (انظر هافنر. س. انتحار الامبراطورية الالمانية، موسكو 1972، ص 59 - 60) فهو يقول: «بعد ديسمبر 1941 عندما اثبت الروس ارادتهم الثابتة على الصراع بهجومهم المضاد حول موسكو، اتضح ان المانيا لا يمكن ان تكسب الحرب، كل الذي استطاعته ان تمد فترتها الى سنوات».

من خلال ما تقدم، يتضح مدى حرص الحركة الصهيونية على التحالف مع الطرف المنتصر أياً كان، او المقبل على الانتصار، فقد عملت على توظيف كل ما باستطاعتها حتى متاجرتها بدماء اليهود في سبيل انشاء «وطنها القومي» في فلسطين.

وبعد ان بدأت شمس هتلر في الافول، فجرت الصهيونية تناقضها مع هتلر، وبدأت في البحث عن حليف جديد تستطيع توظيف العلاقة معه، من اجل خدمة اهدافها. لذا كان لابد من ايجاد صيغة للتعامل مع نجم الانتصار المتوقع، والآخذ بريقه في اللمعان، وهو، جوزيف ستالين.

العلاقة الصهيونية مع ستالين:
حول هذا الموضوع: يقول المؤلف السوفييتي غيرمان سميرنوف.. لم يكن ستالين بحاجة الى الاغلبية في الانتخابات ولا دور الصهيونية فيها، ولكن في باقي الامور تم وعده بالكثير: التعظيم والتمجيد في الصحافة العالمية التي تسيطر عليها الصهيونية، دعم المنظمات الصهيونية له في كل مكان، تقديم المعلومات الغنية والمكثفة له من اجهزة الصهاينة الاستخبارية. والاهم، الدعم غير المحدود بالسلاح والغذاء والاجهزة الصناعية عن طريق نظام Lend-Lease (وهو نظام اعتمده الكونغرس الامريكي في 11 مارس 1941، وبموجبه، تعطي الولايات المتحدة الاسلحة والذخائر والتجهيزات والمواد الخام على شكل اقراض، او تأجير للدول الاخرى، من اجل الدفاع عن نفسها، اذا كان هذا الدفاع عن النفس مهما جداً للدفاع عن الولايات المتحدة نفسها).

وبالنسبة للاتحاد السوفييتى، فان دفاعه عن نفسه لم يعترف به ضروريا للدفاع عن الولايات المتحدة حتى ربيع 1942، وهي نفس الفترة التي شهدت بداية صفقة الحركة الصهيونية مع ستالين.
في هذه الفترة بالذات وفي الولايات المتحدة، تم تعيين الصهيوني اوبنهايمر، وبمطالبة من الحركة الصهيونية، مديرا لمركز لوس ألاموس (المركز الذي تم فيه تصنيع القنبلة النووية الامريكية) بقرار من الرئيس الامريكي، رغم اعتراض كل من لهم علاقة بالبرنامج النووي من العلماء والعسكريين الامريكيين، واهمهم الجنرال غروفس، على تعيين اوبنهايمر مديرا للمركز (انظر غروفس. ل. الآن يمكن الحديث عن هذا - موسكو 1964. ص 71) وكذلك فقد اعترضت على هذا التعيين، مختلف الدوائر الامنية في الولايات المتحدة آنذاك.

او بنهايمر الذي عمل بتنسيق مع الحركة الصهيونية العالمية، حرص على تزويد الدولة السوفييتية بالمواد والاسرار التي تمكنها من امتلاك القنبلة النووية. في عام 1952 صدر في الولايات المتحدة كتاب بعنوان «من مذكرات الرائد جوردان» هذا الضابط البسيط، بدأ حياته العسكرية في ربيع 1942 في مطار في نيوجيوسي، وكان ضابط اتصالات. وقد بدأ هناك بكتابة تقارير يومية خاصة به، حيث كان يسجل نوع وحجم وثمن كل شحنة تتجه الى روسيا. عام 1943 تم نقله الى قاعدة طيران في ولاية مونتانا، للاشراف على شحنات «ليندليز». فحصل على امكانية اكبر لتسجيل كل شحنة ترسل الى موسكو. هذا التسجيل اصبح اساساً للكتاب الذي يثبت فيه، ان غالبية الشحنات عن طريق «ليندليز» الى موسكو، لا علاقة لها بالدفاع، بل تهدف الى جعل الاتحاد السوفييتي بعد الحرب دولة متقدمة عسكريا. وحسب مفكرة جوردان في الفترة ما بين 1942 - 1944، تم ارسال حوالي كيلو غرام من اليورانيوم المعدني، 175 طن غرافيت، نيترات اليورانيوم، اكسيد اليورانيوم، الى موسكو من الولايات المتحدة.

هذه المعلومات تجبرنا على النظر بشكل جديد الى احداث ربيع 1942. فيبدو ان ستالين اعتبر الشحنات عن طريق (ليندليز) - مهما كانت غزيرة - غير كافية كثمن للتحالف المعروض عليه مع الصهاينة. لذا كان زعماء الصهيونية مضطرين لان يعرضوا عليه اعظم اختراع في تاريخ التسلح - القنبلة النووية.

وحول هذا الموضوع نشرت المجلة الاسبوعية السوفييتية (سويوز) في الاعداد 21، 22، 23، لعام 1991، بعضا من ارشيف ال كي جي بي (المخابرات السوفييتية)، يتضمن مقتطفات من ملاحظات العالم السوفييتي الاول في المجال النووي، كورتشاتوف، والمكتوبة بخط يده، لا تدع مجالا للشك، بأن العالم الذري رقم واحد لم يكن يستطيع فهم ما كتبه نظراؤه الامريكيون، اذ كان يطلب بالحاح، ان تزوده الاستخبارات، بالمواد اللازمة التي تفسر له ما بين يديه من الوثائق، مما حدا بالصحفي نيكولاي الكساندروف، في تعليق هيئة التحرير ان يقول مستنتجا: «لم تكن هناك قنبلة نووية سوفييتية، كانت هناك قنبلة امريكية كشفها عملاء المخابرات ببراعة» وبعبارة اخرى، يقترح استبدال عبارة «الفيزيائيون العظام» بعبارة «العملاء العظام».

ويتناول هذا الجانب كذلك الكاتب - ام. دوزي قائلا: لم يكن اوبنهايمر ولا سواه من المزودين بالاسرار النووية عملاء سوفييت، فقد عملوا ليس لصالح الاستخبارات السوفييتية، بل نفذوا تعليمات القيادة الصهيونية التي كانت تعمل آنذاك يدا بيد مع وزارة الامن الحكومية السوفييتية. لذلك لم يكن مصادفة، هذا التحول في الاعلام السوفييتي، وتحديدا في ابريل عام 1942، عن وحشية الالمان تجاه السكان اليهود في الاراضي السوفييتية المحتلة. وتم الاعلان عن تشكيل جمعية يهودية مناهضة للفاشية من بين خمس جمعيات من هذا النوع. كذلك تمت اعادة الاعتبار للنظرية النسبية للعالم اليهودي اينشتين.

في الاصدار الرسمي لكتاب (مؤتمر مالطا، ويالطا المنشور عام 1995 في الولايات المتحدة) هناك حديث قصير جرى بين روزفلت وستالين قبل لقائهما المغلق الرسمي.
الرئيس الامريكي الذي حاول ان يعطي مجرى للمباحثات بين الزعيمين قال متلاعبا: انني صهيوني، وتساءل: هل المارشال ستالين صهيوني ايضاً؟ من حيث المبدأ - نعم، اجاب الزعيم السوفييتي، وفورا اضاف «بأن صعوبة هذا السؤال غير خافية عني».

بقي ان نقول: ان اول سفير لاسرائيل في الاتحاد السوفييتي، كانت غولدا مئير التي استقبلت بحفاوة بالغة في الكرملين، والتي امرت باعداد قوائم بأسماء اليهود السوفييت، الذين تحتاجهم اسرائيل لترسيخ الدولة. وخلال الحفلات الرسمية في الكرملين كانت، تقضي وقتاً طويلاً في احاديث حارة مع بولينا جيمتشوجنيا - كارب زوجة مولوتوف (وزير الخارجية آنذاك) اليهودية.

وفي نفس الفترة، بعد انتهاء الحرب، فان الدولة السوفييتية ضغطت على حليفتها تشيكوسلوفاكيا من اجل تمرير اول صفقة سلاح لاسرائيل، وهذا السلاح وصل في اشد لحظات الحرب حرجاً. وفي عرض القطاعات العسكرية الاسرائيلية في شارع اللنبي، كانت تلمع في ايدي المشاة الاسرائيليين البنادق التشكيلية الحديثة.

خاتمة:
كما ذكرنا في البداية، فان تحولا جذريا كالذي حصل في المنطقة العربية بزرع الدولة الصهيونية في وسطها، يستحق ان نحاكم العوامل التي ساعدت على ولادتها بكل الموضوعية، وعلينا ان لا نغلق الابواب بدوغمائية مسبقة امام ما يطرأ من مستجدات تلقي الضوء على تلك العوامل، سواء انسجمت مع وجهات نظرنا او خالفتها. نؤكد ان موضوعا مثل الذي تم عرضه يستحق ان يناقش من زوايا متعددة في الرأي والرؤيا.

عن موقع المغترب العربي