العلاقة بين ستالين
والصهيونية
فايز رشيد Thursday 01-03 -2007
فايز رشيد Thursday 01-03 -2007
بادئ ذي بدء، أن هذه الدراسة تهدف الى
قراءة منصفة لحدث سياسي، شكل انقلاباً جذرياً في خريطة منطقتنا العربية، وقلب
عوامل وموازين الصراع فيها رأساً على عقب، وترك بصماته الواضحة عليها، وكأمة
عربية عشنا ومازلنا نعيش مآسي هذا الحدث.
فإعلان الدولة الاسرائيلية وهذا الحجم من التأييد الدولي، بما فيه الاعتراف السوفييتي آنذاك بقيام مثل هذه الدولة، يجب ان يظل موضوعاً للنقاش والحوار، ذلك ان المنطق كان يقول:
بعدم صوابيه الموقف السوفييتي آنذاك، وهذه النقطة بالذات كانت وماتزال مثار للحوار والجدل والخلاف بين كافة الأحزاب والتيارات الوطنية والقومية العربية لسنوات طويلة.
إن إثارة هذا الموضوع لا تستهدف النخر في الجسد السوفييتي المنهار وعلى قاعدة «اذا وقعت البقرة، كثرت السكاكين»، ولا تستهدف كذلك الإقلال من حجم التأييد السوفييتي الكبير لعموم القضايا العربية، وعلى الأخص التحريرية منها، ولا محاولة وضع نقاط سوداء على تاريخ الحزب الشيوعي السوفييتي، فالمرحلة الستالينية في تاريخ هذا الحزب، وباعترافه من خلال أدبياته، تميزت بالفردية المطلقة التي مارسها الزعيم السوفييتي آنذاك.
التناقض:
لطالما تساءل كثيرون عن تناقض الموقف السوفييتي في عام 1948، إذ ان الدولة الاشتراكية الأولى في العالم، كانت هي الثانية بعد الولايات المتحدة التي اعترفت بتأسيس اسرائيل، هذا الموقف السوفييتي لم يكن مفهوماً لا من الجماهير العربية عموماً، ولا من حركة التحرر الوطني العربية بشكل خاص، فيما بعد ذلك لانه لا يمكن الجمع في نفس الوقت بين الإدعاء بتأييد حركات التحرر في العالم أجمع، وتأييد قيام كيان عنصري اغتصابي، تشكل عنوة وبتأييد مباشر من قطبي المعسكر الامبريالي آنذاك بريطانيا والولايات المتحدة بعد ان تم طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين، وبعد ان قامت العصابات الصهيونية بالعديد من المذابح من اجل تهجير المزيد من الفلسطينيين، كان الموقف السوفييتي وظل بعدها مستغرباً، وامتد ذلك الى ما بعد انهيار النظام الاشتراكي.
وفي الإجابات السوفييتية الرسمية وغير الرسمية عندما كان يتم طرح مثل هذا التساؤل حول أوجه التناقض، كانت الاجابات تتمثل: تمكن اسرائيل من ممارسة عملية تضليلية على الدولة السوفييتية، بأنها ستكون الدولة الاشتراكية الأولى في المنطقة العربية، وكذلك عندما كان المندوب السوفييتي في الأمم المتحدة يلقي خطاباً، كان المندوبون العرب يخرجون من القاعة، لذلك كان مبررا ومشروعاً من وجهة نظرهم الاعتراف السوفييتي بالدولة الاسرائيلية آنذاك.
الخلفية النظرية:
المنطق السابق لا ينسجم مع التاريخ السوفييتي نفسه، فالنظام الذي استطاع تمريغ أنف الوحش النازي في التراب، وحزب عريق كالحزب الشيوعي السوفييتي، لم يكن من السهل تمرير عمليات الخداع الصهيوني عليه، خاصة ان هذا الحزب امتلك العديد من التجارب، ومنذ بدايات القرن العشرين مع ما كان يسمى «حركة الطبقة العاملة الهيودية»، عندما أراد ممثلو هذه الحركة دخول الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي «الحزب الشيوعي السوفييتي فيما بعد» كممثلين للطبقة العاملة اليهودية، يومها رفض لينين وقادة الحزب دخولهم على هذا الاساس وفقط تم السماح لهم بالانتماء الى الحزب كأفراد عاديين، لان الأدبيات الماركسية ومن ثم اللينينية فيما بعد.. نفت مفهوم وجود اليهودية كشعب/أمة، واعتبرتها دينا مثل باقي الأديان، وأوضحت هذه الأدبيات ان حل المسألة اليهودية يكمن فقط في انتماء اليهود الى الدول التي يعيشون فيها، واعتبرت هذه الادبيات كذلك الحركة الصهيونية حركة تمثل مصالح الرأسمالية، بما فيها البورجوازية اليهودية، في الهجوم على مصالح الفقراء، ومن ضمنهم الفقراء اليهود.
ولأن ممارسة قادة «حركة الطبقة العاملة اليهودية» في صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطية الروسي تناقضت مع تعهداتهم وتغلب انتماؤهم لحركتهم على انتمائهم للحزب، اضطر الحزب بقيادة لينين الى فصلهم من صفوفه، وبيّن الحزب خطورة هذه الجماعة على عموم الحركة العمالية العالمية.
ولإلقاء الضوء على مسألة الاعتراف السوفييتي بالدولة الاسرائيلية صدر في الفترة الأخيرة كتاباً في موسكو للكاتب السوفييتي غيرمان سميرنوف ترجمه الى العربية د. سلطان القسوس، تحت عنوان «كيف تكونت الدولة الصهيونية أو قصة القنبلة النووية السوفييتية».
وفي هذا الكتاب تتبين معالم جديدة في الاجابة على التناقض حول الاعتراف باسرائيل، من زاوية الفهم النظري الايديولوجي، الذي يمنع وصولاً الى تحريم وتجريم مثل هذا الاعتراف، وبين الواقع العملي، الذي داس على كل المفاهيم النظرية، وساعد على اخراج هذا الكيان الى حيز الوجود والحركة - الصهيونية من جانبها، والتي اعتمدت المبدأ الميكافيلي بأن «الغاية تبرر الوسيلة»، لم يكن لديها محرمات - حتى الدم اليهودي نفسه - في سبيل تحقيق اهدافها. ومن اجل فهم أبعاد العلاقة بين الحركة الصهيونية من جهة وستالين من جهة أخرى كان لابد من التطرق الى علاقة الحركة الصهيونية وتحالفها مع النازية والمراحل مر بها هذا التحالف.
التحالف بين الحركة الصهيونية والنازية:
يتطرق الكتاب الى علاقة الحركة الصهيونية مع النازية مكذباً اسطورة الكرة النازية لليهود فقد جاء في اعترافات ديتير فيسليتشيني - أحد معاوني ايخمان - المسؤول عن - المسألة اليهودية - في ادارة الأمن القومي الهتلرية «انظر محاكمات نورنبرغ - الجزء الثاني، موسكو 1951، الصفحات 22/23» عندما سأله المحقق الأمريكي العقيد بروكهارت: هل يمكن تقسيم سياسة السلطات النازية بالنسبة لليهود الى مراحل معينة؟
أجاب فيسليتشيني: نعم، حتى عام 1940 كان هناك تعميم - يقول بوجوب حل المسألة اليهودية في ألمانيا وفي المناطق المحتلة عن طريق الترحيل المبرمج. المرحلة الثانية - بدأت بعد ذلك تجميع اليهود في بولندا وغيرها من المناطق الشرقية التي تحتلها المانيا على شكل غيتو واستمرت هذه المرحلة تقريبا حتى بداية عام 1942.
فإعلان الدولة الاسرائيلية وهذا الحجم من التأييد الدولي، بما فيه الاعتراف السوفييتي آنذاك بقيام مثل هذه الدولة، يجب ان يظل موضوعاً للنقاش والحوار، ذلك ان المنطق كان يقول:
بعدم صوابيه الموقف السوفييتي آنذاك، وهذه النقطة بالذات كانت وماتزال مثار للحوار والجدل والخلاف بين كافة الأحزاب والتيارات الوطنية والقومية العربية لسنوات طويلة.
إن إثارة هذا الموضوع لا تستهدف النخر في الجسد السوفييتي المنهار وعلى قاعدة «اذا وقعت البقرة، كثرت السكاكين»، ولا تستهدف كذلك الإقلال من حجم التأييد السوفييتي الكبير لعموم القضايا العربية، وعلى الأخص التحريرية منها، ولا محاولة وضع نقاط سوداء على تاريخ الحزب الشيوعي السوفييتي، فالمرحلة الستالينية في تاريخ هذا الحزب، وباعترافه من خلال أدبياته، تميزت بالفردية المطلقة التي مارسها الزعيم السوفييتي آنذاك.
التناقض:
لطالما تساءل كثيرون عن تناقض الموقف السوفييتي في عام 1948، إذ ان الدولة الاشتراكية الأولى في العالم، كانت هي الثانية بعد الولايات المتحدة التي اعترفت بتأسيس اسرائيل، هذا الموقف السوفييتي لم يكن مفهوماً لا من الجماهير العربية عموماً، ولا من حركة التحرر الوطني العربية بشكل خاص، فيما بعد ذلك لانه لا يمكن الجمع في نفس الوقت بين الإدعاء بتأييد حركات التحرر في العالم أجمع، وتأييد قيام كيان عنصري اغتصابي، تشكل عنوة وبتأييد مباشر من قطبي المعسكر الامبريالي آنذاك بريطانيا والولايات المتحدة بعد ان تم طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين، وبعد ان قامت العصابات الصهيونية بالعديد من المذابح من اجل تهجير المزيد من الفلسطينيين، كان الموقف السوفييتي وظل بعدها مستغرباً، وامتد ذلك الى ما بعد انهيار النظام الاشتراكي.
وفي الإجابات السوفييتية الرسمية وغير الرسمية عندما كان يتم طرح مثل هذا التساؤل حول أوجه التناقض، كانت الاجابات تتمثل: تمكن اسرائيل من ممارسة عملية تضليلية على الدولة السوفييتية، بأنها ستكون الدولة الاشتراكية الأولى في المنطقة العربية، وكذلك عندما كان المندوب السوفييتي في الأمم المتحدة يلقي خطاباً، كان المندوبون العرب يخرجون من القاعة، لذلك كان مبررا ومشروعاً من وجهة نظرهم الاعتراف السوفييتي بالدولة الاسرائيلية آنذاك.
الخلفية النظرية:
المنطق السابق لا ينسجم مع التاريخ السوفييتي نفسه، فالنظام الذي استطاع تمريغ أنف الوحش النازي في التراب، وحزب عريق كالحزب الشيوعي السوفييتي، لم يكن من السهل تمرير عمليات الخداع الصهيوني عليه، خاصة ان هذا الحزب امتلك العديد من التجارب، ومنذ بدايات القرن العشرين مع ما كان يسمى «حركة الطبقة العاملة الهيودية»، عندما أراد ممثلو هذه الحركة دخول الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي «الحزب الشيوعي السوفييتي فيما بعد» كممثلين للطبقة العاملة اليهودية، يومها رفض لينين وقادة الحزب دخولهم على هذا الاساس وفقط تم السماح لهم بالانتماء الى الحزب كأفراد عاديين، لان الأدبيات الماركسية ومن ثم اللينينية فيما بعد.. نفت مفهوم وجود اليهودية كشعب/أمة، واعتبرتها دينا مثل باقي الأديان، وأوضحت هذه الأدبيات ان حل المسألة اليهودية يكمن فقط في انتماء اليهود الى الدول التي يعيشون فيها، واعتبرت هذه الادبيات كذلك الحركة الصهيونية حركة تمثل مصالح الرأسمالية، بما فيها البورجوازية اليهودية، في الهجوم على مصالح الفقراء، ومن ضمنهم الفقراء اليهود.
ولأن ممارسة قادة «حركة الطبقة العاملة اليهودية» في صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطية الروسي تناقضت مع تعهداتهم وتغلب انتماؤهم لحركتهم على انتمائهم للحزب، اضطر الحزب بقيادة لينين الى فصلهم من صفوفه، وبيّن الحزب خطورة هذه الجماعة على عموم الحركة العمالية العالمية.
ولإلقاء الضوء على مسألة الاعتراف السوفييتي بالدولة الاسرائيلية صدر في الفترة الأخيرة كتاباً في موسكو للكاتب السوفييتي غيرمان سميرنوف ترجمه الى العربية د. سلطان القسوس، تحت عنوان «كيف تكونت الدولة الصهيونية أو قصة القنبلة النووية السوفييتية».
وفي هذا الكتاب تتبين معالم جديدة في الاجابة على التناقض حول الاعتراف باسرائيل، من زاوية الفهم النظري الايديولوجي، الذي يمنع وصولاً الى تحريم وتجريم مثل هذا الاعتراف، وبين الواقع العملي، الذي داس على كل المفاهيم النظرية، وساعد على اخراج هذا الكيان الى حيز الوجود والحركة - الصهيونية من جانبها، والتي اعتمدت المبدأ الميكافيلي بأن «الغاية تبرر الوسيلة»، لم يكن لديها محرمات - حتى الدم اليهودي نفسه - في سبيل تحقيق اهدافها. ومن اجل فهم أبعاد العلاقة بين الحركة الصهيونية من جهة وستالين من جهة أخرى كان لابد من التطرق الى علاقة الحركة الصهيونية وتحالفها مع النازية والمراحل مر بها هذا التحالف.
التحالف بين الحركة الصهيونية والنازية:
يتطرق الكتاب الى علاقة الحركة الصهيونية مع النازية مكذباً اسطورة الكرة النازية لليهود فقد جاء في اعترافات ديتير فيسليتشيني - أحد معاوني ايخمان - المسؤول عن - المسألة اليهودية - في ادارة الأمن القومي الهتلرية «انظر محاكمات نورنبرغ - الجزء الثاني، موسكو 1951، الصفحات 22/23» عندما سأله المحقق الأمريكي العقيد بروكهارت: هل يمكن تقسيم سياسة السلطات النازية بالنسبة لليهود الى مراحل معينة؟
أجاب فيسليتشيني: نعم، حتى عام 1940 كان هناك تعميم - يقول بوجوب حل المسألة اليهودية في ألمانيا وفي المناطق المحتلة عن طريق الترحيل المبرمج. المرحلة الثانية - بدأت بعد ذلك تجميع اليهود في بولندا وغيرها من المناطق الشرقية التي تحتلها المانيا على شكل غيتو واستمرت هذه المرحلة تقريبا حتى بداية عام 1942.
المرحلة الثالثة: كانت ما سمي بالحل النهائي
للمسألة اليهودية، أي القضاء المنظم عليهم، هذه
المرحلة استمرت حتى اكتوبر 1944، عندما اصدر هملر امراً بايقاف هذه الاعدامات. وحول العلاقة بين القيادتين الهتلرية
والصهيونية يقول البروفيسور غ.ل
بونداريفسكيني في المؤتمر الصحفي للجمعية السوفييتية المناهضة للصهيونية يوم 12 اكتوبر 1984 «انظر الكتاب الابيض،
موسكو 1985، ص125».
لقد سمى بونداريفسكي في معض حديثه عن الحلف النازي - الصهيوني في الثلاثينيات، ثلاثة أهداف رئيسية توخاها الصهاينة:
الأول - التحكم بيهود ألمانيا الذين بلغ عددهم 500 ألف إلا ان من يدعم الصهيونية منهم لا يتعدى 3% بنتيجة التآمر بين الصهيونية والنازية، تم القضاء على كل المنظمات اليهودية غير الصهيونية بقي فقط «الاتحاد الصهيوني في ألمانيا» الذي أعيد تنظيمه باسم «الاتحاد الامبراطوري ليهود ألمانيا»، لقد منعت جميع الصحف والمجلات اليهودية عدا النشرة الصهيونية «يوديشه دونداتو».
الهدف الثاني - كما يقول البروفيسور بونداريفسكي - ترحيل رأسمال البرجوازية اليهودية الضخمة في المانيا واستثماره في المؤسسات الصهيونية في فلسطين.
في يونيو 1933 وقعت اتفاقية سرية بين الوكالة اليهودية من خلال البنك الانجليزي - الفلسطيني، وبين وزارة الاقتصاد النازية، وبموجبها، وخلال خمس سنوات 1933 - 1938، تمكن الصهاينة من ضخ 40 مليون دولار بهذه الطريقة الى فلسطين، وهذا يعادل 60% من كل الاستثمارات في فلسطين آنذاك. وهكذا بمساعدة من المانيا النازية - التي ربحت من هذه العملية حوالي 50 مليون دولار. تم وضع الاساس الاقتصادي لاسرائيل.
اما الهدف الثالث - الذي سعى اليه الصهاينة، فكان يتلخص: في استغلال السياسة العنصرية للنازيين لاجبار يهودالمانيا والدول الاخرى على الهجرة الجماعية الى فلسطين. ومن اجل تحقيق هذا الهدف تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات مع دائرتي الداخلية والغستابو برئاسة هملر (انظر الكتاب الابيض، موسكو، 1985، ص 128).
في اكتوبر 1937 التقى في فلسطين (ايخمان) و(هاغن) كممثلين عن النازية مع (بو كليس) ممثل المنظمة الارهابية الصهيونية (الهاجناه)، وفي هذا اللقاء تم تزويد الغستابو بأية معلومات عن التنظيمات اليهودية في الدول الاوروبية وعن اية نشاطات لها ضد النازيين، مقابل دعم هؤلاء لاقامة الدولة الصهيونية.
وكما يقول المؤلف غيرمان سميرنوف: اغلب الظن ان المعلومات الاستخبارية التي زودها الصهاينة لهتلر اتفقوا على انها لم تكن تتعلق «بنشاطات المنظمات اليهودية» فقط، كذلك المعلومات التي كانت تعكس نشاطات حكومات ودوائر الدول المجاورة. فخلال اية مفاوضات كان الجانب النازي يعلم مسبقا كل ما يمكن ان يقوله الطرف الآخر (انظر - غالدر - المذكرات الحربية، الجزء الاول ص 39، بيزمينسكي، الالغاز المكشوفة للرايخ الثالث جزء 1 موسكو 1984، الصفحات 156. 170، 176).
نهاية التحالف الصهيوني النازي جاءت في ديسمبر 1941 عندما تحول هتلر من زعيم منتصر الى زعيم مصيره الاندحار.
اسباب هذا التحول الدرامي حللها بالتفصيل المؤرخ الالماني هافنر (انظر هافنر. س. انتحار الامبراطورية الالمانية، موسكو 1972، ص 59 - 60) فهو يقول: «بعد ديسمبر 1941 عندما اثبت الروس ارادتهم الثابتة على الصراع بهجومهم المضاد حول موسكو، اتضح ان المانيا لا يمكن ان تكسب الحرب، كل الذي استطاعته ان تمد فترتها الى سنوات».
من خلال ما تقدم، يتضح مدى حرص الحركة الصهيونية على التحالف مع الطرف المنتصر أياً كان، او المقبل على الانتصار، فقد عملت على توظيف كل ما باستطاعتها حتى متاجرتها بدماء اليهود في سبيل انشاء «وطنها القومي» في فلسطين.
وبعد ان بدأت شمس هتلر في الافول، فجرت الصهيونية تناقضها مع هتلر، وبدأت في البحث عن حليف جديد تستطيع توظيف العلاقة معه، من اجل خدمة اهدافها. لذا كان لابد من ايجاد صيغة للتعامل مع نجم الانتصار المتوقع، والآخذ بريقه في اللمعان، وهو، جوزيف ستالين.
العلاقة الصهيونية مع ستالين:
حول هذا الموضوع: يقول المؤلف السوفييتي غيرمان سميرنوف.. لم يكن ستالين بحاجة الى الاغلبية في الانتخابات ولا دور الصهيونية فيها، ولكن في باقي الامور تم وعده بالكثير: التعظيم والتمجيد في الصحافة العالمية التي تسيطر عليها الصهيونية، دعم المنظمات الصهيونية له في كل مكان، تقديم المعلومات الغنية والمكثفة له من اجهزة الصهاينة الاستخبارية. والاهم، الدعم غير المحدود بالسلاح والغذاء والاجهزة الصناعية عن طريق نظام Lend-Lease (وهو نظام اعتمده الكونغرس الامريكي في 11 مارس 1941، وبموجبه، تعطي الولايات المتحدة الاسلحة والذخائر والتجهيزات والمواد الخام على شكل اقراض، او تأجير للدول الاخرى، من اجل الدفاع عن نفسها، اذا كان هذا الدفاع عن النفس مهما جداً للدفاع عن الولايات المتحدة نفسها).
وبالنسبة للاتحاد السوفييتى، فان دفاعه عن نفسه لم يعترف به ضروريا للدفاع عن الولايات المتحدة حتى ربيع 1942، وهي نفس الفترة التي شهدت بداية صفقة الحركة الصهيونية مع ستالين.
في هذه الفترة بالذات وفي الولايات المتحدة، تم تعيين الصهيوني اوبنهايمر، وبمطالبة من الحركة الصهيونية، مديرا لمركز لوس ألاموس (المركز الذي تم فيه تصنيع القنبلة النووية الامريكية) بقرار من الرئيس الامريكي، رغم اعتراض كل من لهم علاقة بالبرنامج النووي من العلماء والعسكريين الامريكيين، واهمهم الجنرال غروفس، على تعيين اوبنهايمر مديرا للمركز (انظر غروفس. ل. الآن يمكن الحديث عن هذا - موسكو 1964. ص 71) وكذلك فقد اعترضت على هذا التعيين، مختلف الدوائر الامنية في الولايات المتحدة آنذاك.
او بنهايمر الذي عمل بتنسيق مع الحركة الصهيونية العالمية، حرص على تزويد الدولة السوفييتية بالمواد والاسرار التي تمكنها من امتلاك القنبلة النووية. في عام 1952 صدر في الولايات المتحدة كتاب بعنوان «من مذكرات الرائد جوردان» هذا الضابط البسيط، بدأ حياته العسكرية في ربيع 1942 في مطار في نيوجيوسي، وكان ضابط اتصالات. وقد بدأ هناك بكتابة تقارير يومية خاصة به، حيث كان يسجل نوع وحجم وثمن كل شحنة تتجه الى روسيا. عام 1943 تم نقله الى قاعدة طيران في ولاية مونتانا، للاشراف على شحنات «ليندليز». فحصل على امكانية اكبر لتسجيل كل شحنة ترسل الى موسكو. هذا التسجيل اصبح اساساً للكتاب الذي يثبت فيه، ان غالبية الشحنات عن طريق «ليندليز» الى موسكو، لا علاقة لها بالدفاع، بل تهدف الى جعل الاتحاد السوفييتي بعد الحرب دولة متقدمة عسكريا. وحسب مفكرة جوردان في الفترة ما بين 1942 - 1944، تم ارسال حوالي كيلو غرام من اليورانيوم المعدني، 175 طن غرافيت، نيترات اليورانيوم، اكسيد اليورانيوم، الى موسكو من الولايات المتحدة.
هذه المعلومات تجبرنا على النظر بشكل جديد الى احداث ربيع 1942. فيبدو ان ستالين اعتبر الشحنات عن طريق (ليندليز) - مهما كانت غزيرة - غير كافية كثمن للتحالف المعروض عليه مع الصهاينة. لذا كان زعماء الصهيونية مضطرين لان يعرضوا عليه اعظم اختراع في تاريخ التسلح - القنبلة النووية.
وحول هذا الموضوع نشرت المجلة الاسبوعية السوفييتية (سويوز) في الاعداد 21، 22، 23، لعام 1991، بعضا من ارشيف ال كي جي بي (المخابرات السوفييتية)، يتضمن مقتطفات من ملاحظات العالم السوفييتي الاول في المجال النووي، كورتشاتوف، والمكتوبة بخط يده، لا تدع مجالا للشك، بأن العالم الذري رقم واحد لم يكن يستطيع فهم ما كتبه نظراؤه الامريكيون، اذ كان يطلب بالحاح، ان تزوده الاستخبارات، بالمواد اللازمة التي تفسر له ما بين يديه من الوثائق، مما حدا بالصحفي نيكولاي الكساندروف، في تعليق هيئة التحرير ان يقول مستنتجا: «لم تكن هناك قنبلة نووية سوفييتية، كانت هناك قنبلة امريكية كشفها عملاء المخابرات ببراعة» وبعبارة اخرى، يقترح استبدال عبارة «الفيزيائيون العظام» بعبارة «العملاء العظام».
ويتناول هذا الجانب كذلك الكاتب - ام. دوزي قائلا: لم يكن اوبنهايمر ولا سواه من المزودين بالاسرار النووية عملاء سوفييت، فقد عملوا ليس لصالح الاستخبارات السوفييتية، بل نفذوا تعليمات القيادة الصهيونية التي كانت تعمل آنذاك يدا بيد مع وزارة الامن الحكومية السوفييتية. لذلك لم يكن مصادفة، هذا التحول في الاعلام السوفييتي، وتحديدا في ابريل عام 1942، عن وحشية الالمان تجاه السكان اليهود في الاراضي السوفييتية المحتلة. وتم الاعلان عن تشكيل جمعية يهودية مناهضة للفاشية من بين خمس جمعيات من هذا النوع. كذلك تمت اعادة الاعتبار للنظرية النسبية للعالم اليهودي اينشتين.
في الاصدار الرسمي لكتاب (مؤتمر مالطا، ويالطا المنشور عام 1995 في الولايات المتحدة) هناك حديث قصير جرى بين روزفلت وستالين قبل لقائهما المغلق الرسمي.
الرئيس الامريكي الذي حاول ان يعطي مجرى للمباحثات بين الزعيمين قال متلاعبا: انني صهيوني، وتساءل: هل المارشال ستالين صهيوني ايضاً؟ من حيث المبدأ - نعم، اجاب الزعيم السوفييتي، وفورا اضاف «بأن صعوبة هذا السؤال غير خافية عني».
بقي ان نقول: ان اول سفير لاسرائيل في الاتحاد السوفييتي، كانت غولدا مئير التي استقبلت بحفاوة بالغة في الكرملين، والتي امرت باعداد قوائم بأسماء اليهود السوفييت، الذين تحتاجهم اسرائيل لترسيخ الدولة. وخلال الحفلات الرسمية في الكرملين كانت، تقضي وقتاً طويلاً في احاديث حارة مع بولينا جيمتشوجنيا - كارب زوجة مولوتوف (وزير الخارجية آنذاك) اليهودية.
وفي نفس الفترة، بعد انتهاء الحرب، فان الدولة السوفييتية ضغطت على حليفتها تشيكوسلوفاكيا من اجل تمرير اول صفقة سلاح لاسرائيل، وهذا السلاح وصل في اشد لحظات الحرب حرجاً. وفي عرض القطاعات العسكرية الاسرائيلية في شارع اللنبي، كانت تلمع في ايدي المشاة الاسرائيليين البنادق التشكيلية الحديثة.
خاتمة:
كما ذكرنا في البداية، فان تحولا جذريا كالذي حصل في المنطقة العربية بزرع الدولة الصهيونية في وسطها، يستحق ان نحاكم العوامل التي ساعدت على ولادتها بكل الموضوعية، وعلينا ان لا نغلق الابواب بدوغمائية مسبقة امام ما يطرأ من مستجدات تلقي الضوء على تلك العوامل، سواء انسجمت مع وجهات نظرنا او خالفتها. نؤكد ان موضوعا مثل الذي تم عرضه يستحق ان يناقش من زوايا متعددة في الرأي والرؤيا.
عن موقع المغترب العربي
لقد سمى بونداريفسكي في معض حديثه عن الحلف النازي - الصهيوني في الثلاثينيات، ثلاثة أهداف رئيسية توخاها الصهاينة:
الأول - التحكم بيهود ألمانيا الذين بلغ عددهم 500 ألف إلا ان من يدعم الصهيونية منهم لا يتعدى 3% بنتيجة التآمر بين الصهيونية والنازية، تم القضاء على كل المنظمات اليهودية غير الصهيونية بقي فقط «الاتحاد الصهيوني في ألمانيا» الذي أعيد تنظيمه باسم «الاتحاد الامبراطوري ليهود ألمانيا»، لقد منعت جميع الصحف والمجلات اليهودية عدا النشرة الصهيونية «يوديشه دونداتو».
الهدف الثاني - كما يقول البروفيسور بونداريفسكي - ترحيل رأسمال البرجوازية اليهودية الضخمة في المانيا واستثماره في المؤسسات الصهيونية في فلسطين.
في يونيو 1933 وقعت اتفاقية سرية بين الوكالة اليهودية من خلال البنك الانجليزي - الفلسطيني، وبين وزارة الاقتصاد النازية، وبموجبها، وخلال خمس سنوات 1933 - 1938، تمكن الصهاينة من ضخ 40 مليون دولار بهذه الطريقة الى فلسطين، وهذا يعادل 60% من كل الاستثمارات في فلسطين آنذاك. وهكذا بمساعدة من المانيا النازية - التي ربحت من هذه العملية حوالي 50 مليون دولار. تم وضع الاساس الاقتصادي لاسرائيل.
اما الهدف الثالث - الذي سعى اليه الصهاينة، فكان يتلخص: في استغلال السياسة العنصرية للنازيين لاجبار يهودالمانيا والدول الاخرى على الهجرة الجماعية الى فلسطين. ومن اجل تحقيق هذا الهدف تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات مع دائرتي الداخلية والغستابو برئاسة هملر (انظر الكتاب الابيض، موسكو، 1985، ص 128).
في اكتوبر 1937 التقى في فلسطين (ايخمان) و(هاغن) كممثلين عن النازية مع (بو كليس) ممثل المنظمة الارهابية الصهيونية (الهاجناه)، وفي هذا اللقاء تم تزويد الغستابو بأية معلومات عن التنظيمات اليهودية في الدول الاوروبية وعن اية نشاطات لها ضد النازيين، مقابل دعم هؤلاء لاقامة الدولة الصهيونية.
وكما يقول المؤلف غيرمان سميرنوف: اغلب الظن ان المعلومات الاستخبارية التي زودها الصهاينة لهتلر اتفقوا على انها لم تكن تتعلق «بنشاطات المنظمات اليهودية» فقط، كذلك المعلومات التي كانت تعكس نشاطات حكومات ودوائر الدول المجاورة. فخلال اية مفاوضات كان الجانب النازي يعلم مسبقا كل ما يمكن ان يقوله الطرف الآخر (انظر - غالدر - المذكرات الحربية، الجزء الاول ص 39، بيزمينسكي، الالغاز المكشوفة للرايخ الثالث جزء 1 موسكو 1984، الصفحات 156. 170، 176).
نهاية التحالف الصهيوني النازي جاءت في ديسمبر 1941 عندما تحول هتلر من زعيم منتصر الى زعيم مصيره الاندحار.
اسباب هذا التحول الدرامي حللها بالتفصيل المؤرخ الالماني هافنر (انظر هافنر. س. انتحار الامبراطورية الالمانية، موسكو 1972، ص 59 - 60) فهو يقول: «بعد ديسمبر 1941 عندما اثبت الروس ارادتهم الثابتة على الصراع بهجومهم المضاد حول موسكو، اتضح ان المانيا لا يمكن ان تكسب الحرب، كل الذي استطاعته ان تمد فترتها الى سنوات».
من خلال ما تقدم، يتضح مدى حرص الحركة الصهيونية على التحالف مع الطرف المنتصر أياً كان، او المقبل على الانتصار، فقد عملت على توظيف كل ما باستطاعتها حتى متاجرتها بدماء اليهود في سبيل انشاء «وطنها القومي» في فلسطين.
وبعد ان بدأت شمس هتلر في الافول، فجرت الصهيونية تناقضها مع هتلر، وبدأت في البحث عن حليف جديد تستطيع توظيف العلاقة معه، من اجل خدمة اهدافها. لذا كان لابد من ايجاد صيغة للتعامل مع نجم الانتصار المتوقع، والآخذ بريقه في اللمعان، وهو، جوزيف ستالين.
العلاقة الصهيونية مع ستالين:
حول هذا الموضوع: يقول المؤلف السوفييتي غيرمان سميرنوف.. لم يكن ستالين بحاجة الى الاغلبية في الانتخابات ولا دور الصهيونية فيها، ولكن في باقي الامور تم وعده بالكثير: التعظيم والتمجيد في الصحافة العالمية التي تسيطر عليها الصهيونية، دعم المنظمات الصهيونية له في كل مكان، تقديم المعلومات الغنية والمكثفة له من اجهزة الصهاينة الاستخبارية. والاهم، الدعم غير المحدود بالسلاح والغذاء والاجهزة الصناعية عن طريق نظام Lend-Lease (وهو نظام اعتمده الكونغرس الامريكي في 11 مارس 1941، وبموجبه، تعطي الولايات المتحدة الاسلحة والذخائر والتجهيزات والمواد الخام على شكل اقراض، او تأجير للدول الاخرى، من اجل الدفاع عن نفسها، اذا كان هذا الدفاع عن النفس مهما جداً للدفاع عن الولايات المتحدة نفسها).
وبالنسبة للاتحاد السوفييتى، فان دفاعه عن نفسه لم يعترف به ضروريا للدفاع عن الولايات المتحدة حتى ربيع 1942، وهي نفس الفترة التي شهدت بداية صفقة الحركة الصهيونية مع ستالين.
في هذه الفترة بالذات وفي الولايات المتحدة، تم تعيين الصهيوني اوبنهايمر، وبمطالبة من الحركة الصهيونية، مديرا لمركز لوس ألاموس (المركز الذي تم فيه تصنيع القنبلة النووية الامريكية) بقرار من الرئيس الامريكي، رغم اعتراض كل من لهم علاقة بالبرنامج النووي من العلماء والعسكريين الامريكيين، واهمهم الجنرال غروفس، على تعيين اوبنهايمر مديرا للمركز (انظر غروفس. ل. الآن يمكن الحديث عن هذا - موسكو 1964. ص 71) وكذلك فقد اعترضت على هذا التعيين، مختلف الدوائر الامنية في الولايات المتحدة آنذاك.
او بنهايمر الذي عمل بتنسيق مع الحركة الصهيونية العالمية، حرص على تزويد الدولة السوفييتية بالمواد والاسرار التي تمكنها من امتلاك القنبلة النووية. في عام 1952 صدر في الولايات المتحدة كتاب بعنوان «من مذكرات الرائد جوردان» هذا الضابط البسيط، بدأ حياته العسكرية في ربيع 1942 في مطار في نيوجيوسي، وكان ضابط اتصالات. وقد بدأ هناك بكتابة تقارير يومية خاصة به، حيث كان يسجل نوع وحجم وثمن كل شحنة تتجه الى روسيا. عام 1943 تم نقله الى قاعدة طيران في ولاية مونتانا، للاشراف على شحنات «ليندليز». فحصل على امكانية اكبر لتسجيل كل شحنة ترسل الى موسكو. هذا التسجيل اصبح اساساً للكتاب الذي يثبت فيه، ان غالبية الشحنات عن طريق «ليندليز» الى موسكو، لا علاقة لها بالدفاع، بل تهدف الى جعل الاتحاد السوفييتي بعد الحرب دولة متقدمة عسكريا. وحسب مفكرة جوردان في الفترة ما بين 1942 - 1944، تم ارسال حوالي كيلو غرام من اليورانيوم المعدني، 175 طن غرافيت، نيترات اليورانيوم، اكسيد اليورانيوم، الى موسكو من الولايات المتحدة.
هذه المعلومات تجبرنا على النظر بشكل جديد الى احداث ربيع 1942. فيبدو ان ستالين اعتبر الشحنات عن طريق (ليندليز) - مهما كانت غزيرة - غير كافية كثمن للتحالف المعروض عليه مع الصهاينة. لذا كان زعماء الصهيونية مضطرين لان يعرضوا عليه اعظم اختراع في تاريخ التسلح - القنبلة النووية.
وحول هذا الموضوع نشرت المجلة الاسبوعية السوفييتية (سويوز) في الاعداد 21، 22، 23، لعام 1991، بعضا من ارشيف ال كي جي بي (المخابرات السوفييتية)، يتضمن مقتطفات من ملاحظات العالم السوفييتي الاول في المجال النووي، كورتشاتوف، والمكتوبة بخط يده، لا تدع مجالا للشك، بأن العالم الذري رقم واحد لم يكن يستطيع فهم ما كتبه نظراؤه الامريكيون، اذ كان يطلب بالحاح، ان تزوده الاستخبارات، بالمواد اللازمة التي تفسر له ما بين يديه من الوثائق، مما حدا بالصحفي نيكولاي الكساندروف، في تعليق هيئة التحرير ان يقول مستنتجا: «لم تكن هناك قنبلة نووية سوفييتية، كانت هناك قنبلة امريكية كشفها عملاء المخابرات ببراعة» وبعبارة اخرى، يقترح استبدال عبارة «الفيزيائيون العظام» بعبارة «العملاء العظام».
ويتناول هذا الجانب كذلك الكاتب - ام. دوزي قائلا: لم يكن اوبنهايمر ولا سواه من المزودين بالاسرار النووية عملاء سوفييت، فقد عملوا ليس لصالح الاستخبارات السوفييتية، بل نفذوا تعليمات القيادة الصهيونية التي كانت تعمل آنذاك يدا بيد مع وزارة الامن الحكومية السوفييتية. لذلك لم يكن مصادفة، هذا التحول في الاعلام السوفييتي، وتحديدا في ابريل عام 1942، عن وحشية الالمان تجاه السكان اليهود في الاراضي السوفييتية المحتلة. وتم الاعلان عن تشكيل جمعية يهودية مناهضة للفاشية من بين خمس جمعيات من هذا النوع. كذلك تمت اعادة الاعتبار للنظرية النسبية للعالم اليهودي اينشتين.
في الاصدار الرسمي لكتاب (مؤتمر مالطا، ويالطا المنشور عام 1995 في الولايات المتحدة) هناك حديث قصير جرى بين روزفلت وستالين قبل لقائهما المغلق الرسمي.
الرئيس الامريكي الذي حاول ان يعطي مجرى للمباحثات بين الزعيمين قال متلاعبا: انني صهيوني، وتساءل: هل المارشال ستالين صهيوني ايضاً؟ من حيث المبدأ - نعم، اجاب الزعيم السوفييتي، وفورا اضاف «بأن صعوبة هذا السؤال غير خافية عني».
بقي ان نقول: ان اول سفير لاسرائيل في الاتحاد السوفييتي، كانت غولدا مئير التي استقبلت بحفاوة بالغة في الكرملين، والتي امرت باعداد قوائم بأسماء اليهود السوفييت، الذين تحتاجهم اسرائيل لترسيخ الدولة. وخلال الحفلات الرسمية في الكرملين كانت، تقضي وقتاً طويلاً في احاديث حارة مع بولينا جيمتشوجنيا - كارب زوجة مولوتوف (وزير الخارجية آنذاك) اليهودية.
وفي نفس الفترة، بعد انتهاء الحرب، فان الدولة السوفييتية ضغطت على حليفتها تشيكوسلوفاكيا من اجل تمرير اول صفقة سلاح لاسرائيل، وهذا السلاح وصل في اشد لحظات الحرب حرجاً. وفي عرض القطاعات العسكرية الاسرائيلية في شارع اللنبي، كانت تلمع في ايدي المشاة الاسرائيليين البنادق التشكيلية الحديثة.
خاتمة:
كما ذكرنا في البداية، فان تحولا جذريا كالذي حصل في المنطقة العربية بزرع الدولة الصهيونية في وسطها، يستحق ان نحاكم العوامل التي ساعدت على ولادتها بكل الموضوعية، وعلينا ان لا نغلق الابواب بدوغمائية مسبقة امام ما يطرأ من مستجدات تلقي الضوء على تلك العوامل، سواء انسجمت مع وجهات نظرنا او خالفتها. نؤكد ان موضوعا مثل الذي تم عرضه يستحق ان يناقش من زوايا متعددة في الرأي والرؤيا.
عن موقع المغترب العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق