الجمعة، 23 سبتمبر 2016

تعريف الإرهاب وأسبابه


الإرهاب ظاهرة متميزة من ظواهر الاضطراب السياسي في القرون السابقة والقرن الحالي، ولم تخل منه أمة من الأمم أو شعب من الشعوب، وقد ظهر الإرهاب كتعبير حديث وحتى كممارسة، قبل قرنين من الزمن، وقد تبلور واقعيا في عام 1793م، وكان ذلك في عهد الإرهاب في فرنسا ومنه اشتقت اللغتان الإنجليزية والفرنسية كلمة إرهاب وعليه فأن تحديد تعريف جامع وشامل للإرهاب، يشكل صعوبة بين الدول فالبعض منها يعتبر ما يقوم به المكافحون، عملا إرهابيا، بينما البعض الآخر يعتبره عملا بطوليا ومشروعا في سبيل الحرية، وقد ظهر ذلك واضحا جليا قبيل توقيع اتفاقية الحكم الذاتي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك عندما أصرت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية على محو كل ما يتعلق بالإرهاب في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، بينما رأى الفلسطينيون انه لا وجود لما يسمى بالإرهاب في ميثاقهم، وان كل ما يحتوي عليه الميثاق في هذا الخصوص هو نضال مشروع لاسترداد الأرض المحتلة والحقوق المغتصبة، وسيتم سرد بعض التعريفات التي قد تساعد في إيجاد تعريف شامل للإرهاب بكل معانيه.

تعريف الإرهاب

   الإرهاب كلمة حديثة في اللغة العربية وهي كلمة مشتقة قرها المجمع اللغوي وجذرها رهب بمعنى خاف، وكلمة إرهاب هي مصدر الفعل ارهب، أرهبه بمعنى خوفه، ولا يوجد في المعاجم العربية كلمات الإرهاب والإرهابي لان تلك الكلمات حديثة الاستعمال، وقد ورد لفظ الرهبة ومشتقاته في القران الكريم بعدة معاني، منها الخشية وتقوى الله سبحانه وتعالى مثل قوله تعالى: "يبني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وآيي فارهبون"، كما وردت بمعنى الردع المعروف في المفهوم العسكري في أيامنا هذه في قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم"،  والإرهابيون في المعجم الوسيط وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية، والإرهابي في المنجد، من يلجأ إلى الإرهاب لإقامة سلطته، كما وردت أيضا فيما يتعلق بالحكم الإرهابي انه نوع من الحكم يقوم على الإرهاب والعنف تعمد إليه حكومات أو جماعات ثورية، ويعود استعمال اصل كلمة الإرهاب كمصطلح إلى فترة الثورة الفرنسية، وترتبط بما يسمى بحكم الإرهاب.

الجهود الدولية لتعريف الإرهاب

31.    في عام 1934م نجح إرهابيون ينتمون إلى منظمة (الاستاذا) المقدونية الانفصالية في اغتيال الملك الكسندر الأول ملك يوغسلافيا، وروعت الجريمة العالم اجمع، واجتمعت عصبة الأمم المتحدة، بناءا على طلب فرنسا الدولة التي حدث الاغتيال على أرضها، وكونت لجنة خاصة كلفتها بإعداد مشروع ميثاق دولي حول الإرهاب، وكانت هذه اللجنة مكونة من 14 دولة، وتمت الموافقة على الميثاق الدولي في 1937م، وضم الميثاق اتفاقيتين، وعددت الاتفاقية الأفعال الإرهابية على النحو التالي:
أ.      الأفعال العمدية الموجهة ضد حياة أو سمعة أو حرية أو سلامة رؤساء الحكومات والدول وغيرهم من الأشخاص الذين يمارسون امتيازات رؤساء الدول وخلفائهم بالوراثة أو التعيين وزوجاتهم، وكذلك الأشخاص المكلفون بمهام عامة، عندما ترتكب ضدهم الأعمال الإرهابية بسبب هذه المهام، أو عند ممارستهم لها.
ب.     التخريب العمدي أو إلحاق الضرر عمدا بالأموال العامة أو المخصصة لاستخدام الجمهور .
ج.     إحداث خطر عام عمدا يكون من شأنه تعريض الحياة الإنسانية للخطر كاستعمال المفرقعات والمواد الحارقة، وتسميم المياه والأغذية.
د.      الشروع في ارتكاب هذه الجرائم.
هـ.    صنع أو حيازة أو تقديم أو الحصول على أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مواد ضارة بقصد تنفيذ جريمة من الجرائم المذكورة في أي بلد كان.
و       الاشتراك في تنفيذ العمل الإرهابي سواء بالانضمام إلى جمعية أو بالإتفاق بقصد ارتكاب أعمال إرهابية أو التحريض على ارتكابها.
32.    وأضفت الاتفاقية الصفة الدولية على جريمة الإرهاب إذا كانت موجهة ضد دولة أو من دولة أو إذا تعددت أماكن إعداد الأعمال الإرهابية أو تنفيذها أو أماكن لجوء الفاعل أو الفاعلين أو تعددت جنسياتهم أو جنسيات شركائهم أو بحسب طبيعة المصالح التي لحقها الضرر، وتصدت الاتفاقية للأعمال الإجرامية ذات الصلة بالأعمال الإرهابية، على أنها أعمال تحضيرية للأعمال الإرهابية، وتتخذ صفتها، ولم يكتب لميثاق جنيف أن يدخل حيز التنفيذ، بسبب الضغوط السياسية الهائلة، ونشوب الحرب العالمية الثانية، ولم تطرح على بساط البحث بعد الحرب العالمية الثانية، ولم تحاول أية دولة أن تخرج ميثاق جنيف، رغم حدوث المئات من أعمال الإرهاب التي راح ضحيتها آلاف البشر، إلا بعد الهجوم على مطار اللد (1972) وحادث ميونيخ (1972)  حيث الضحايا من إسرائيل، وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 3034/72 لعام 1972 بإنشاء لجنة خاصة لتعريف الإرهاب، وفيما يلي عرض لأهم التعريفات المقدمة للجنة الأمم المتحدة الخاصة بتعريف الإرهاب والتعريف الذي وضعته الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.
أ.      تعريف دول عدم الانحياز. جاء التعريف معددا أعمال الإرهاب الدولي على نحو أعمال العنف، وأعمال القهر الأخرى، التي تمارسها الأنظمة الاستعمارية والعنصرية والأجنبية، ضد الشعوب التي تناضل من اجل نيل حريتها، والحصول على حقها المشروع في تقرير المصير والاستقلال، وحقها في الحصول على مختلف حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وكذلك أنشطة المنظمات ذات التوجهات الفاشية أو التنظيمات الخاصة بالمرتزقة والموجهة ضد الدول ذات السيادة، ويعتبر إرهابا أعمال العنف التي يمارسها الأفراد أو مجموعات من الأفراد والتي تعرض للخطر نفوسا بريئة أو تبيدها أو تعرض الحريات الأساسية للخطر، ويستثنى من ذلك الأعمال التي تتخذ أعمالا للحق الثابت في تقرير المصير الذي تطالب به الشعوب الخاضعة للنظم الاستعمارية أو العنصرية أو أي شكل آخر من أشكال السيطرة الأجنبية ويستثنى كذلك الأعمال التي تتم في إطار نضال الشعوب وخصوصا حركات التحرير الوطنية، وكذلك تدخل ضمن الإرهاب أعمال العنف التي يرتكبها الأفراد أو المجموعات بهدف الحصول على كسب شخصي إذا تعدت نتائجه اكثر من دولة.
ب.     تعريف دول أمريكا اللاتينية. "الإرهاب الدولي هو كل تهديد باستخدام العنف يعرض نفوسا بشرية بريئة للخطر أو يدمرها، أو يعرض الحريات الأساسية للخطر ويقوم فرد أو مجموعة أفراد باقترافه على ارض أجنبية أو في أعماق البحار أو على متن طائرة تطير في المجال الجوي الذي يقع فوق البحر، وذلك بهدف إحداث الرعب لتحقيق هدف سياسي"، ويعد من أعمال الإرهاب الدولي الإجراءات القمعية غير الإنسانية التي تقوم بها الأنظمة الاستعمارية أو العنصرية وكذلك كل الإجراءات التي تهدف إلى ممارسة سيطرة أجنبية وذلك بإنكار حق الشعب الشرعي في تقرير المصير، وفي الاستقلال، وكذلك إنكار باقي الحقوق والحريات الأساسية، ويعتبر أيضا من الأعمال الإرهابية الاغتيال، وإحداث جروح خطيرة في الجسم، واعتقال الأشخاص، وإرسال رسائل مفخخة، وإحداث خسائر في الممتلكات، سواء تم اقترافها على ارض دولة اجنبية، او على يد أجانب، أو كانت موجهة ضد أجانب، بهدف إحداث فزع لتحقيق أهداف سياسية، وذلك لان الأفعال تشكل تعديا على المعنويات الاجتماعية وخرقا للكرامة الشخصية الإنسانية.
ج.     تعريف فرنسا. "الإرهاب الدولي عمل همجي بشع يتم اقترافه على أرض دولة أجنبية، بواسطة شخص أجنبي ضد شخص لا يحمل نفس جنسية الفاعل، ويكون الهدف من ذلك ممارسة الضغط في موضوع خلاف، لا يكون بالضرورة خلافا دوليا".
د.      تعريف الولايات المتحدة الأمريكية. "كل فعل يرتكب بصفة غير مشروعة، كالقتل والخطف وغيرها من الأفعال التي تسبب أضرارا جسدية ويترتب عليها آثار دولية، وأكدت الولايات المتحدة الأمريكية أن شرعية دوافع ارتكاب الفعل الارهابي، لا يضفي الشرعية على العمل الإرهابي وخاصة عندما يوجه إلى الأبرياء".
هـ.     تعريف الدول العربية. "كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر"، والجريمة الإرهابية هي أي جريمة أو شروع فيها ترتكب تنفيذا لغرض إرهابي في أي من الدول المتعاقدة، أو على رعاياها أو ممتلكاتها أو مصالحها يعاقب عليها قانونها الداخلي، ولا تعد جريمة، حالات الكفاح بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من اجل التحرر وتقرير المصير، وفقا لمبادئ القانون الدولي، ولا يعد من هذه الحالات كل عمل يمس بالوحدة الترابية لأي من الدول العربية، وقد أخرجت الاتفاقية جرائم الإرهاب من عداد الجرائم السياسية.

أشكال الإرهاب

33.    يصنف الإرهاب إلى الأشكال الرئيسية التالية:
أ.      إرهاب المجموعات الوطنية التي تطالب بحق تقرير المصير، وتستخدم الإرهاب كجزء من إستراتيجيتها للوصول إلى تحقيق هدفها، ويؤمن أفراد المجموعة بوجوب الكفاح المسلح، مثل المجموعات الأرمنية التي بدأت هجماتها منذ عام 1975م عن طريق عمليات التفجيرات والاغتيالات الموجهة ضد الأتراك في الشرق الأوسط وأوروبا الغربية، ومن هذه المجموعات أيضا منظمة الجيش الجمهوري الايرلندي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبعض الفصائل الفلسطينية ومنظمة الباسك الانفصالية في إسبانيا، وفي الماضي تولت عصابات الأرجون وشتيرن اليهودية العمليات الإرهابية التي أدت إلى ترك الفلسطينيين لأرضهم هربا من المذابح والاغتيالات وتدمير المنازل والمنشآت.
ب.     إرهاب المجموعة العقائدية، ولهذه المجموعة هدف معلن، هو تغير الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبعض هذه المجموعات لا تعتنق مبدأ أو هدفا أيديولوجيا محددا، وان كانت تهدف إلى إلغاء نظام الحكم بالدولة، ومن هذه المجموعات مجموعة بادر ماينهوف في ألمانيا الغربية، ومجموعة الألوية الحمراء في إيطاليا، ومجموعة الجيش الأحمر الياباني، وأضيفت إليها المنظمات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية، وطائفة الحقيقة السامية في اليابان.

    ويصنف الإرهاب إلى أربعة أشكال ثانوية وهي:
أ‌.                   إرهاب أيدلوجي ويشمل الإرهاب اليساري والشيوعي وإرهاب أقصى اليمين.
ب.     إرهاب وطني ويشمل العمليات الإرهابية التي تستهدف إخراج المحتل أو تدمير مصالحة أو اغتيال رموزه أو الموالين له.
ج.     الإرهاب العرقي أو الديني أو اللغوي مثل العمليات الإرهابية التي يقوم بها أفراد طائفة التاميل ضد الحكومة في سريلانكا، ومثل العمليات التي يقوم بها المتطرفون (عمليات السيخ ضد الهندوس، عمليات الهندوس ضد المسلمين).
د‌.                  الإرهاب المرضي مثل العمليات التي يقوم بها المصابون باختلال نفسي.

أسباب الإرهاب
    قبل الخوض بالأسباب الكامنة وراء الإرهاب يتحتم علينا أن نعرف انه إذا كانت هناك أعمال إرهابية تستحق العقاب، فان هناك أعمالا أخرى ترتبط بقضايا سياسية واجتماعية نابعة من المظالم التي تعاني منها بعض الشعوب المقهورة، وكذلك إذا كان لا بد من القضاء على الإرهاب، فانه يتحتم التعرف إلى مسبباته أولا، وكل محاولة للعلاج تتجاهل الأسباب الجوهرية لن تكون ذات فائدة، وقد اعترفت منظمة الأمم المتحدة في تقرير لها، منذ حوالي عقدين من الزمن، بان قضية الإرهاب صعبة الحل، لأنها قضية شديدة التعقيد، وللبحث عن هذه الظاهرة لابد أن يأخذ بعين الاعتبار الخلفيات المسببة للإرهاب وللعنف في أنحاء عديدة من العالم، وقد اتهمت منظمة الأمم المتحدة الدول الكبرى بأنها تتحمل القسط الأكبر من مسؤولية تفشي ظاهرة الإرهاب التي تهز العالم، وذكرت عدة أسباب كان من أبرزها هو ممارسة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، وتهاون الدول الكبرى عن القيام بواجباتها، وكذلك تواطؤ الدول الكبرى وتحيزها مما أدى إلى الفشل في تحقيق التعاون الدولي وحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بين دول العالم، بالإضافة إلى اغتصاب حقوق الدول المستضعفة مما الحق بها ظلما، وقد حددت اللجنة الخاصة للإرهاب الدولي التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة أسبابا سياسية واقتصادية واجتماعية للإرهاب وهي كما يلي:
أ.      الأسباب السياسية.
(1)    سيطرة دولة على دولة أخرى (للاستعمار).
(2)             التمييز العنصري.
(3)             استخدام القوة ضد الدول الضعيفة.
(4)             التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى.
(5)             الاحتلال الأجنبي (كليا أو جزئيا).
(6)             ممارسة القمع والعنف للتهجير او للسيطرة على شعب معين.
ب.     الأسباب الاقتصادية.
(1)             عدم التوازن في النظام الاقتصادي العالمي.
(2)             الاستغلال الأجنبي للموارد الطبيعية للدول النامية.
ج.     الأسباب الاجتماعية.
(1)             انتهاك حقوق الإنسان (بالتعذيب أو السجن أو الانتقام).
(2)             الجوع والحرمان والبؤس والجهل.
(3)             تجاهل معاناة شعب ما تعرض للاضطهاد.
(4)             تدمير البيئة.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق