الاثنين، 23 يونيو 2014

سعيد الزمان النورسي

محورالدين والسياسة

الفكر السياسى الاسلامى عندبديع الزمان سعيد النورسى

لقد امن النورسى إيمانا راسخا بأنه من الممكن أن تتعايش الروح الإسلامية مع الحياة العصرية , وان يمارس المسلمون إسلامهم دون اللجوء إلى السلطة السياسية . وفى هذه النقطة كان فكر النورسى الإسلامي كما تبلور فى كتابات ما بعد العصر العثمانى , مغايرا مع فكر العديد من المفكرين الاسلامين فى تلك الفترة , حيث إن معاصريه من أمثال محمد إقبال , والعلامة المودودى وحسن البنا , وسيد قطب قد دافعو بطريقة أو بأخرى عن إحياء الإسلام "كسياسة" وليس كعقيدة فقط . وبعد الحرب العالمية الأولى , لم يعد النورسى مهتما بالسياسة كوسيلة لحماية الإسلام , حيث اعتقد انه يمكن القيام بذلك دون اللجوء إلى رجال السياسة ولا عالم السياسة . ومن هنا يمكن أن نقول إن النورسى لم يجذ ب انتباه الغرب كثيرا لأنه لم يدافع عن الإسلام السياسي فى حد ذاته . ومع ذلك يبدو وجود اهتمام جديد بعمل النورسى خاصة بين علماء الغرب المهتمين بالروحانيات , ومقارنة الأديان , وقضية الدين والحداثة بشكل عام .
أنة من الأهمية بمكان أن نفكر دائما فيما إذا كان يمكن حفظ الإسلام بمعزل عن السياسة. بمعنى أخر , هل نريد دولة إسلامية حتى نؤسس العقيدة الإسلامية أو ننشر الأفكار الإسلامية . فى الحقيقة يبدو إن إجابة النورسى بعد تأسيس الجمهورية التركية كانت بالنفي ,اى أن الإسلام يمكن
أن يزدهر بدون دولة إسلامية . وفى حقيقة الامر , كتب النورسى أن الإسلام وعقيدة الغالبية فى العالم الاسلامى سوف تتحسن عندما تتركهما القوى الموجودة وشانهما .
لقد اشتغل بديع الزمان فى المرحلة التى سماها مرحلة سعيد القديم قبل تأليف رسائل النور بالسياسة لدرجة ما بقصد خدمة الدين والمقدسات , لكنة عندما شاهد أن السياسة بدأت تنحرف عن غايتها , وانقلبت نحو الصراع من اجل المنفعة , وفتحت الطريق للتطرف والتفرقة , قررانة لا يمكن أن يخدم الإيمان والقران بهذه الطريقة , وصرف نظرة عن عالم السياسة .
" ا ننا سعينا لأجل إسعاد هذه الأمة والبلاد بجعل السياسة أداة للدين وفى وئام معه تجاه أولئك الذين جعلوا السياسة المستبدة آلة للإلحاد وعذبونا "
وقد كان احد أهم الأسباب لمنع بديع الزمان تلاميذه من السياسة هو أنها تفتح طريق الخلاف وتفسد الأخوة الإسلامية.
ورغم انه لا توجد لنا أية علاقة مع أهل السياسية
" إن الذين يتعرضون لنا إنما يتعرضون للإيمان مباشرة ويتعدون علية.
فنحن نحلهم إلى العلى القدير ورغم أنة لا علاقة لنا بأهل السياسة قطعا , فليعلموا جيدا انه ليست إلااسس رسائل النور التى تحافظ على هذة الأمة من التردي والسقوط فى الهاوية والفوضى والإرهاب "

ويعبر عن قلقة فى هذا الخصوص على الشكل التالي :-
" حذار......حذار......أيها الإخوة من أن تقذفكم التيارات التى تلفت الأنظار نحو الخارج , إلى التفرقة , إذ تجعلكم بعد ذلك الدستور الشيطاني والعياذ بالله :( الحب فى السياسة والبغض فى السياسة )بدلا من الدستور الرحمانى (الحب فى الله والبغض فى الله ) إذ عندها تعادون أخا لكم هو فى الحقيقة كالملاك وتولون الحب لرفيق فى السياسة وهو كالخناس وتبدون الرضا لظلمة ,وتشاركونه فى جنايته ضمنا . فحذار حذار من هذا "

فان النصيحة التى أكدها وكررها لنا بديع الزمان نتيجة تجربة ومعاناة , تتضح سلامة مضمونها وصحة أثارها ونتحها , على صعيد واقع العمل الاسلامى فى كثير من البلاد العربية والإسلامية .
إن أكثر الجماعات والحركات الإسلامية , قد تورطت فيما حذر منه الأستاذ النورسى رحمة الله , فقد طاب لها أتتبع فى أنشطتها الإسلامية سبل الأحزاب والمنظمات الأخرى التى لا شان لها بالإسلام وخدمته , وإنما تضع من السياسة هدفا نصب عينيها , وسبيلا فى طريقها . فالسياسة هي حرفتها , وهى الواسطة والغاية معا . فقد اخذ أكثر هؤلا , الجماعات يقلدون أولئك السياسيين المحترفين , دون أن يلاحظوا الفروق الهائلة الكبرى بين جوهر الفرضين وطبيعة المنهجين .
كان النورسى يطلق على الديمقراطيين بين الحين والأخر لقب "الأحرار" ,وكان يقصد بهذا اللقب المؤيدين للحرية الشرعية , تلك الحرية القائمة على التقاليد الدينية , والتي عمل على ترسيخها أثناء الفترة الدستورية التى امتدت طوال العقود الأولى من هذا القرن , بل وكانت هي المسار الذى طالما حلم بيه النورسى , وأراد للديمقراطيين أن ينتهجوه ’ اى إن النورسى كان حريصا فى كل علاقاته على حث الديمقراطيين على خلق بيئة اجتماعية وسياسية تسمح بتعزيز الدين واحتواء القوى المناهضة له , بل وتؤدى إلى تطور طبيعي وامن لمجتمع تغلب الصبغة "الإسلامية " على كافة مجالات الحياة فيه , لذا ركز النورسى جل اهتمامه فى الحفاظ على الأمن والنظام العام .
كان للمنفى في بارلا وقسطمونى واميراداغ الذي حط بة الشيخ بديع الزمان سعيد النورسى , دور كبير في تأليف رسائل النور النورسية , والتي لعبت دورا كبير في تأليف تأصيل الفكر السياسي الإسلامي , حيث ألف بديع الزمان مابين عام (1950-1962) مايزيد على 130 رسالة أضيفت إلى خمس عشر رسالة الفت من قبل , باللغة اللغة التركية , والحروف العربية , وقد ترجمت فيما بعد إلي مختلف اللغات منها : العربية والألمانية والانجليزية والفرنسية والايطالية والاوردية والكردية والي لغتي كوجاراتى وملايا .
وقد انكب تلاميذ بديع الزمان النورسى على تناقله رسائله , ونشرها فى بادئ الامر بخط اليد , حتي قيل في حقها : (أن الإيمان قد تحدى التكنولوجيا ) .
ومما يجدر ذكره بحق رسائل النور , أنها قد ولدت في جو من المضايقات الأمنية للشيخ بديع الزمان ,فكان كلما اشتد علية الضيق هرع إلى القران أنيسة ومباعد الهموم عن نفسه , فانبعثت من نور القران الكريم رسائله.
لقد دعا النورسى في هذه الرسائل إلى التعايش بين الإيمان والعلم , ولم يدر فى خلده فى يوم من الأيام السيطرة على النظام السياسي مطلقا أو الاشتراك في ادارتة , وإنما كان مقصودة من وضع رسائل النور النورسية بث عدد من الأفكار السياسية أهمها .
1.   إن الآراء يجب أن تنبع من مبادئ الإسلام ,وعدم التخلي عن الواقعية , وفى هذا رفض لكل نظام لا يتخذ من الإسلام حجر الزاوية فى المنطلقات والتوجهات .
2.   البعد عن الجمعيات واللجان السياسية , لأنها مليئة بالمؤامرات,وفى راية لان كل جمعية أو لجنة سياسية يكون همها الأول الإطاحة بالأخرى , فى حين يرى إن هم الوطن يجب أن يعلو كل الهموم , وتلك التى من هذا القبيل هي التى يفسح لها الطريق لتزدهر فى ربوع الأوطان .
3.   الجمع بين العلم والدين جنبا إلى جنب , وفى هذا البعد عن العلمانية ,ويعنى  العمل على إحباط ما قام به الكماليين قادة حركة الاتحاد والترقي من إجراءات ضد الإسلام .
4.   إن العلم يقوم موضوعيا فى مناقشة وتقويم الآراء , لان الموضوعية هي السبيل نحو تشخيص الحقائق , ومناقشة الآراء , وهذا يعنى إعطاء حرية الراى للجميع من خلال الأخذ بالشورى والتي هي من صميم مبادئ الإسلام .
5.   إن التغير فى الأفراد والمجتمعات يأخذ وضعة فى ميزان الزمن بصورة تدريجية وإجراءات الطبيعة ,
وفوق هذا فان النورسى قد عالج عدة موضوعات وبتخصصات مختلفة مثل : اللاهوت و الفلسفة و تفسير القران الكريم و علم الاجتماع والاقتصاد والسياسة , وأجهد فكره فى كل منهما , وذلك للوصول إلى منهجية للتغيير, توافق طبائع البشر قابلة للتطبيق , وكان النورسى يؤمى وبصورة مباشرة إلى العودة إلى منهجية الرسول صلى الله علية وسلم , والتي صاغت امة صياغة جديدة ليس لها من قبل ولا من بعد مثيل , وبنت دولة رفرفت راياتها من جنوب فرنسا وحتى الصين , مهابة الجانب قوية البنيان , الأهداف التى أراد بديع الزمان الوصول إليها من وراء تأليف رسائل النور هي مساعدة الإنسان للقيام بمسؤولياته تجاه دينه وقيمة الخلقية , والوصول إلي الاستقرار النفسي من خلال بناء الإخوة الإيمانية القائمة على الإسلام والتمسك بالأخلاق الإسلامية , والتعاون بين إفراد المجتمع , وتحقيق العدالة والمساواة , وحفظ النظام الاجتماعي , ومنع الفوضى فى المجتمعات الإسلامية , وهذا يقتضى إصلاح التعليم الديني , ومحاربة العنصرية , والتأكيد على وحدة العلوم واعتبار القران الكريم هو الأساس, وكشف الجوانب الشريرة فى الحضارة الغربية لتجنبها , وبيان الجوانب النافعة والأخذ بها , مع الحرص على تقوية الإيمان بالله واعتباره الأساس لغيرة من أركان الحياة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق