العلاقات
الأمريكية - الليبية
1945 - 1969
شهدت العلاقات
الليبية الأمريكية أوجهاً متعددة تفاوت بين الحرب والسلم وذلك خلال الفترة الحديثة
والمعاصرة من 1945 إلى 1969م تكمن بداية الصراع الليبي الأمريكي بمطلع
القرن التاسع عشر"أي
العام 1800 "الذي له عدةُ دلالات
،وأوضاع تاريخية خاصة بالنسبة للدولتين
،إذ يُمثل بالنسبة لليبيا المُسماة
في تلك الفترة إيالة طرابلس الغرب ،والمحكومة من قبل الأسرة القره مانلية بزعامة يوسف باشا
القره مانلي (1795/1832) الذي كانت له عدة إصلاحات سببت هذا الصراع ، أما الجمهورية الأمريكية فهي بزعامة رئيسها الثاني بعد الاستقلال
عن بريطانيا(1776)، وهو الديمقراطي
توما س جيفرسون (1801/1809) فهذه الفترة
المحددة شهدت الاضطراب فالحرب بين الدولتين ثم السلم.
حيث
كانت محاولة الأمريكان فرض سيطرتهم العسكرية والسياسية علي المرور في البحارو المحيطات
لغرض تامين تجارتهم مع العالم ,وكذلك تأسيس إمبراطورية أمريكية قوية مفروضة علي
تلك البحار والبحار والمحيطات في الذهاب والإياب .وفي المقابل فان تلك الفترة
تحديدا تمثل تحولا في وضع إيالة طرابلس من مركز الضعف إلي مركز قوة وسلطان بزعامة
يوسف باشا
القره مانلي ,حيث
استطاع يوسف باشا بناء الأسطول الطرابلسي مابين 1798-1800م.وما أن
اكتملت القوة البحرية
حتي اعلن يوسف باشا للقناصل الاوربين بان طرابلس قد اصبحت يحسب لها ألف حساب.وكان
سببا في نجاح طرابلس في ضمان منح مالية سنوية منتظمة من الدول الأوربية عن طريق استغلاله
لمعابر البحر المتوسط التجارية علامة بارزة علي مكانتها في القوة البحرية والتي لم
تقتصر فقط علي أوربا وإنما امتدت إلي البحرية الأمريكية.حيث عقدت عدت اتفاقيات بين
الجانب الأمريكي وطرابلس توكد علي إصرار الباشا علي سيادة واستقلال بلادة وتحصيل حقه
الكامل من الأموال والهدايا المتفق عليها نظير مرور السفن الأمريكية الحاملة العلم
الأمريكي في المياه الإقليمية وكان الحدث الأبرز في العلاقات الأمريكية الطرابلسية
هو اسر الفرقاطة الأمريكية فيلادلفيا ,حيث ابتدأت هذة الوقائع بالحصار الأمريكي
لطرابلس فيما بين سنتي 1801-1802م,بزعامة القائد موريس الذي حاول ضرب المدينة
بالقنابل.حيث أن الفرقاطة فيلادلفيا اقوي القطع الأمريكية تسليحا قد وقعت في الأسر
عند محاولتها مطاردة مركب قرصاني طرابلسي بغوص مقدمتها عند مدخل الميناء في بقعة
ضحلة المياه بسبب جهل القبطان الأمريكي بذلك , ثم مهاجمتها من قبل الزوارق المسلحة
والمراكب الطرابلسية لا جل اقتحامها وإجبارها علي التسليم.ومع زيادة نجاح البحرية
الطرابلسية ضد البحرية الأمريكية اتضح صعوبة إمكانية قهر طرابلس لذا قرر الأمريكيون
القيام بقصف عام للمدينة خلال صيف سنة 1804م. وعلي الرغم من ذلك فشلت الخطة بسبب الحصينات
البحرية الهائلة لطرابلس .مما اطر حكومة الولايات المتحدة علي تنظيم انقلاب للإطاحة
بيوسف باشا وتنصيب باشا موال لأمريكا في شخص شقيق يوسف باشا الأكبر وهو احمد باشا
الذي خلع من قبل يوسف باشا.تم الاتفاق مع احمد باشا بالفعل في 23
فبراير1805م.بالهجوم البري علي درنة وتم الاستيلاء عليها في 29 ابريل 1805 بمساعدة
سفن البحرية الأمريكية.حيث استبسل أهلها في الدفاع عنها في نقمتهم علي احمد ومخالفته
للكفار في وجهة نضرهم حيث ردوا علي أعقابهم بعدما تحملوا خسائر كبيرة في الأرواح
.وتم البدء في مفاوضات الصلح والسلام مع طرابلس أدت إلي توقيع اتفاقية الصلح 4يونيو
1805م. والتي كانت بمثابة انتصار لطرابلس. فقد استمرت العلاقات الأمريكية
الطرابلسية سلميا باستمرار التمثيل القنصلي الأمريكي في طرابلس ثم في عهد علي باشا
ابن يوسف باشا إلي نهاية الأسرة القره مانلية عام 1835م. فقد كانت للولايات
المتحدة الأمريكية العديد من المحاولات لامتلاك مؤطي قدم علي السواحل الطرابلسية
ولكنها لم توفق في ذلك. حتي الغزو الايطالي في اكتوبر 1911.ومعلوم أن ايطاليا كانت
حليفة للولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الاولي 1914-1918م.
استمرت ليبيا تحت الاحتلال الايطالي حتي الحرب
العالمية الثانية 1939-1945م. كانت خلالها إيطاليا المحور مع ألمانيا واليابان
عدوة للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا(الحلفاء). و بالاحتلال
البريطاني للشمال الليبي عام 1943م,حصلت الولايات المتحدة الأمريكية علي مطار
الملاحة المستخدم سابقا من قبل الطليان واستخدامه كقاعدة عسكرية لقواتهم الجوية
,وقد عرف المطار بقاعدة هويلس الجوية الأمريكية.
أما موقف الولايات
المتحدة الأمريكية من قضية استقلال ليبيا في المؤاتمرت الدولية المنعقدة لتصفية
مشاكل مابعد الحرب وعقد معاهدة صلح مع الدول المهزومة ,ومناقشة وضع المستعمرات
الايطالية.حيث انعقد مؤتمر بوتسدام خلال الفترة من 17 يوليو إلي 12 أغسطس سنة
1945.
حيث أصبح من الواضح
لدي وزارة الخارجية الأمريكية بعد مؤتمر بوتسدام أن الاتحاد السوفيتي يسعي للحصول
علي قاعدة علي الشواطئ الأفريقية وخاصة ليبيا ,وانه أذا تم ذلك فسوف لا يكون تهديد
للغرب فحسب وإنما يعتبر بمثابة غزو لمنطقة الشرق الأوسط وصدمة للحكومة البريطانية
التي تسيطر عليها. واستكمالا للمشاورات تم عقد مؤتمر لندن سبتمبر 1945.ثم مؤتمر
باريس الأول 25 إبريل _16 مايو 1946 . حيث ظهرت أراء عديدة إما أن توضع ليبيا تحت
الوصاية الدولية أو بعودتها كلها أو جزء منه لايطاليا طول الفترة مابين 1945-1948
,وكانت الولايات المتحدة تميل لمنح إيطاليا الوصاية على كل ليبيا أو جزء منها. وبإحالة
القضية الليبية في 15 سيتمر سنة 1948م للجمعية العامة للأمم المتحدة ,مصحوبة
بتعالي الأصوات حول رجوع إيطاليا لحكم
مدينة طرابلس كانت الرعاية الأمريكية علي أشدها لظهور مشروع قرار عده وزيرا خارجية
الدولتين وهما البريطاني ارنست بيفن والايطالي كارلوسيفورزا للجمعية العامة وقد
عرف بمشروع بيفن سيفورزا لحل القضية الليبية .
إلا أن تكاثف الأسرة الأسيوية
والعربية والإفريقية في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اسقط هذا المشروع في 18
مايو 1949,برفض 37 عضو مقابل موافقة 14 عضو وامتناع 8 عن التصويت. وبصدور قرار
الاستقلال رقم 289 في 21 نوفمبر 1949م ,القاضي باستقلال ليبيا قبل أول يناير
1952,دخلت الحكومة الأمريكية في مباحثات حثيه مع رموز المملكة الليبية لتنظيم وجود
قواتها في البلاد وتقديم العون المالي مقابلها.
وأعلن في نفس يوم إعلان الاستقلال عن توقيع
الاتفاقية الليبية المؤقتة 24 ديسمبر سنة 1951 وتم تصديق البرلمان الليبي على الاتفاقية,
وفي نفس اليوم رفعت الولايات المتحدة تمثيلها الدبلوماسي مع ليبيا إلي درجة سفارة.حيث
أن الوجود العسكري الأمريكي كان يستمد أصولة من الإدارة العسكرية البريطانية فلما
حان موعد استقلال ليبيا صار من الضروري عقد اتفاق معها مباشرا ولذلك تم توقيع هذة
الاتفاقية التى توسع من مدى الامتيازات العسكرية الأمريكية بالقياس إلى ما كانت
تتمتع بيه فى عهد الإدارة البريطانية ,وتتكون هذة الاتفاقية من سبعة وعشرين مادة وأربعة
كتب متبادلة مقابل مساعدة مالية قدرها مليون دولار سنويا.
كذلك وقعت ليبيا مع
الولايات المتحدة الأمريكية فى 9 سبتمبر 1954 علي معاهدة مماثلة تسمح للولايات
المتحدة بإبقاء قاعدة هويلس الجوية حتى 24 ديسمبر 1970,على أن تدفع 7 ملايين دولار
فى السنوات الست الأولى ,ومليون دولار في السنوات المتبقية .و قد أسفر التحالف الامريكى الليبي فى جر الأخيرة
فى الدخول رسميا فى طرفي الحرب الباردة وتحديدا الحلف الغربي الامريكى المعروف
بمبدأ إيزنهاور فى مارس 1957,وعلية تم الزج بها في الأحلاف المتصارعة بدلا من
سياسة عدم الانحياز التى انتهجتها دول العالم الثالث. وبقبول ليبيا لمبدأ إيزنهاور
قبلت بتوقيع معاهدة جديدة فى 30 يونيو سنة 1957 بخصوص المساعدات العسكرية الأمريكية
.
وقد قدمت الولايات
المتحدة المساعدات الاقتصادية التى قدرتها ليبيا ب(100 مليون دولار) خلال الخمس
سنوات من عام 1955 حتى 1959م.حيث كانت تصرف تحت الإشراف الامريكى (لجنة الإنشاءات
الليبية الأمريكية والمنظمات الخاضعة للإشراف الامريكى ) لخدمة المصالح الأمريكية
المتغلغلة فى الاقتصاد الليبي بالدرجة الأولى ,وتحصيل امتيازات التنقيب عن النفط
بشروط مجزية. حيث تدفق البترول في ليبيا في الخمسينات من القرن العشرين حيث نشطت
الشركات الأمريكية والبريطانية بصفة خاصة في التنقيب واستخراجه وتسويقه , وكانت
كميات البترول التى تم استخراجها فى الستينيات من هذا القرن كبيرة بحيث كان لها تأثيرها
فى خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
أما عن الشركات
التجارية العاملة في ليبيا فان الولايات المتحدة تعتبر الاستثمار الخاص المباشر
احد الادوات الاقتصادية الفعالة للسياسة الخارجية وخاصة في فترات الازمات حيث يعمل
علي تقوية النفوذ الامريكى فى وجه اى نفوذ اجنبى منافس داخل الدول التي يعمل بها
.وقد حافظت الاستثمارات الامريكية فى معظمها على جنسيتها واستفادت1835/1943م.استثمار
الاجنبى لعام 1958 فى ليبيا ,الذي يمنح بعض الامتيازات إلى الشركات الأجنبية
,وتمنح الإعفاء من الرسوم الجمركية والضرائب وبعض الرسوم الاخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق