الاثنين، 30 يونيو 2014

مبدأ نيكسون



مبدأ نيكسون

قبل أن يطرح نيكسون مبدأه كانت هناك بواعث عديدة لطرحه، ناشئة من تورط السياسة الأميركية في فيتنام. والنتائج السلبية التي ترتبت على هذه السياسة. فلقد توهمت الإدارة الأميركية أن إرغام فيتنام الشمالية على الاستسلام وهزيمة الشيوعيين في هذه الحرب يتم من خلال الزج الضخم للقوات الأميركية والتي تنحصر مهمتها في استنزاف الشيوعيين للدرجة التي لا يمكنهم معها الاستمرار في الحرب.
غير أن هذه الإستراتيجية التي سارت عليها الإدارة الأميركية كانت خاطئة، إذ غاب عنها أن أسلوب الاستنزاف الذي اعتمدته لم يكن مجديا مع الطريقة التي يعتمدها الشيوعيون والمتمثلة بحرب العصابات. فلم تنجح الإستراتيجية الأميركية في تحقيق أغراضها رغم الإمكانات الهائلة التي كانت تتطلبها والتي تزايدت بشكل ملحوظ في فترة حكم جونسون عما كانت عليه في حكم كنيدي.
وعندما جاء نيكسون إلى الحكم، كان الموقف في فيتنام يزداد سوءا بالنسبة للحكومة الأميركية، فخسارتها السياسية أخطر من خسائرها المادية، إذ تعرض الموقف الأميركي في فيتنام إلى انتقادات شديدة من قبل العديد من الأوساط السياسية الدولية كما ان الرأي العام الأميركي كان يشجب بعنف سياسة اميركا هذه التي لم تحقق أي مكسب من وراء تورطها في فيتنام غير الخسائر الجسيمة التي ترتبت عليه.
لقد اقتنعت إدارة نيكسون ان الاستمرار في هذا الطريق غير مجدٍ بالمرة. لذلك عمدت إلى حل الأزمة في فيتنام عن طريق المفاوضات للتخلص من ورطة كبيرة ارتكبتها السياسة الأميركية، ثم تحولت إلى عقدة ضخمة ألقت بثقلها على البيت الأبيض.
ان التجربة الفيتنامية وضعت أمام إدارة نيكسون الحقائق التالية:
(1) ـ لا يمكن للولايات المتحدة ان تزج نفسها بشكل مباشر في كل الصراعات والأزمات الدولية حتى لو كانت تمس مصالحها. لأن التدخل العسكري المباشر قد يعرضها إلى خسارة سياسة وان ربحت عسكريا.
(2) ـ هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام يجب أن لا تنسحب على وضعها العام كقوة عظمى. أي ان أثبات قوة الولايات المتحدة وفاعليتها في حسم الأوضاع الدولية المتأزمة يجب أن تبرهن عليه من خلال مواقفها القادمة وهذا يتطلب أن تبذل الولايات المتحدة كل جهودها من أجل ان لا تهزم مرتين متتاليتين. 
(3) ـ أن انسحاب اميركا العسكري من فيتنام يجب ان لا يفهمه حلفاؤها على انه تخلّ عنهم في الظروف الحرجة.
بل انه في مثل هذه الظروف سيتحتم على الحكومة الاميركية ان تزيد من دعمها لهم، من أجل أن تمنع الهزيمة، وبالتالي تحافظ على هيبتها أمام العالم.
(4) ـ او وجود قوات عسكرية أميركية ضخمة في الدول الحليفة والتابعة للولايات المتحدة يؤثر سلبا على طبيعة المعركة التي تخوضها اميركا،(اذ أنها ستفقد وإلى درجة كبيرة دوافع تلك الدول في خوض المعركة بكفاءة بعد أن ترى ان الولايات المتحدة تحارب نيابة عنها،    علاوة على ذلك فان هذا الاسلوب قد يثير نقمة جماهيرية ضد حكومات تلك الدول. وبالتالي تزداد حدة الازمات التي تواجهها كما ان هذا الاسلوب قد يثير حفائظ نفوس القوى الشيوعية فتعمد إلى التدخل في تلك الأزمات كما حدث في فيتنام.
(7) ـ بامكان الولايات المتحدة ان تستعيض عن تدخلها العسكري المباشر ـ في الحالات التي لا تستوجب مثل هذه الخطوة ـ بزيادة القوى العسكرية للدول التابعة لها،   وزيادة دعمها لها في الحالات الضرورية التي تتعرض فيها إلى خطر.
هذه الحقائق  شكلت الارضية التي انطلق منها مبدأ نيكسون والذي حدد الاسس الجديدة للسياسة الاميركية في التعامل مع الأحداث الدولية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق