العلاقات التركية
– الإيرانية : من المنافسة إلى التقارب
شريف شعبان مبروك
باحث في الشئون
السياسية
تُشير الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي
رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الإيرانية طهران في أواخر أكتوبر 2009، على رأس وفد اقتصادي
وتجاري يضم وزراء وبرلمانيين ورجال أعمال، إلى مدى التحسن السريع الذي طرأ على العلاقات
بين الجارتين الإقليميتين تركيا وإيران، خاصة في ظل تقارب مواقفهما إزاء العديد من
قضايا المنطقة، فضلاً عن تبلور جملة من المصالح الثنائية، حيث عمل كلا البلدين على
مدى السنوات القليلة الماضية في شأن تعميق علاقاتهما التجارية وكذلك التعاون في مجالي
الأمن والطاقة. وتُعد هذه الزيارة خطوة متقدمة جداً على صعيد
وصول النفط والغاز الإيرانيين إلى المصافي التركية من خلال مجموعة عقود جاءت لتتمّم
اتفاقات عامَي 2002 و2007، بحيث تبدأ الأنابيب الجديدة بضخ 40 مليار متر مكعب من الغاز
الإيراني إلى تركيا بدءاً من عام 2010، على أن ينتهي العمل بمد هذه الأنابيب في
2013.
وبالرغم من التنافس التاريخي بين تركيا وإيران، فإنه
لم يمنع نجاح الدولتين خلال السنوات الماضية إلى تعزيز التعاون المستمر وبناء علاقات
تجارية متنامية ترقى إلى المزيد من التوسع والتعاون خاصة في مجال الطاقة، واتخاذ مسار
لافت للنظر في السياسة الخارجية لكلا البلدين، للحفاظ على العلاقات الودية بينهما،
حتى في الوقت الذي بقيت فيه تركيا حليفة رئيسية للولايات المتحدة "الشيطان
الأكبر" لدى إيران، وكذلك الدولة الإسلامية الوحيدة التي تتمتع بتعاون عسكري رفيع
المستوى مع غريمة إيران الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط "إسرائيل".
كما تأتي هذه الزيارة حلقة في سلسلة تحركات
تركية لإعادة رسم دور بارز لها على خريطة العالم الإسلامي، حيث أتت بعد زيارة هامة
لباكستان، وتوقيع سلسلة اتفاقيات هامة مع سوريا والعراق وقطر وغيرها، وكذلك بعد قرار
أنقرة استبعاد إسرائيل من المشاركة في مناورات "نسر الأناضول" التركية التي
كانت مقررة أكتوبر 2009، على خلفية غضب الرأي العام التركي من استمرار الحصار الإسرائيلي
لقطاع غزة، بحسب ما برر به أردوغان هذا القرار.
أولاً : أهداف
التقارب التركي – الإيراني:
طرأ التحسن الهائل على العلاقات بين تركيا،
العضو بحلف شمال الأطلسي، وإيران، لاسيما منذ وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي الليبرالي
إلى سدة الحكم في 2001، والذي تعهد باتباع سياسة خارجية إقليمية تقوم على مبدأ
"صفر من المشكلات" مع دول الجوار. هذا في حين شكلت طبيعة العلاقات بين الدولتين
خلال العقود الماضية، من حيث التنافس الإقليمي وتباين المصالح واختلاف طبيعة النظاميين
الحاكمين في الدولتين المتجاورتين، أو بفعل نمط تحالفات الدولتين إقليميًا ودوليًا،
إلى ترسيَّخ معاني الافتراق، كما تُفضي أيضاً إلى استنتاج أن الأجواء التنافسية طبيعية
بين بلدين مهمين لجهة الموقع الجغرافي ولجهة القدرات الصناعية والبشرية والعسكرية.
وبذلك اصبح أن ثمة محددات جديدة رسمت ملامحها
محددات مغايرة باتت تحدد نظرة كل من الدولتين إلى الأخرى، وتصوغ في الوقت ذاته طبيعة
العلاقات بينهما، ويمكن إجمال أهم هذه المحددات في التغيرات التي طرأت على رؤية كلا
الدولتين للأخرى، وذلك لأن تركيا أخذت على عاتقها منذ أكثر من خمس سنوات العمل وفق
استراتيجية مؤداها تحسين علاقات تركيا الإقليمية، لاسيما مع جوارها الجغرافي. وتحاول
تركيا من خلالها تجسيد قوة المبادرة الدبلوماسية (القوة الناعمة) ولهذا تتوسط في العديد
من المشكلات الموجودة في محيطها، ومن خلال تنشيط دورها في المؤسسات الإقليمية والدولية
ومشاركتها الفاعلة في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والانفتاح الاقتصادي
والثقافي على كافة دول العالم حتى على تلك التي كانت بينها وبين أنقره عُقد ومشكلات
تاريخية مزمنة مثل أرمينيا. كما ساعدت عدة عوامل أخرى على إحراز تركيا تقدما ملحوظا
في تطبيق هذه الأسس وتلك المرتكزات في سياسات ملموسة ومنسجمة، ومن أبرز هذه العوامل
في الشرق الأوسط توسطها بين سوريا وإسرائيل.
هذا في وقت سعت فيه إيران من جهتها إلى كسب
ود القادة الأتراك في مواجهة الولايات المتحدة بشكل يقلل من إمكانات التقاء تركيا والولايات
المتحدة وإسرائيل في حلف مناوئ تتركز أهم أهدافه في إجهاض مساعي إيران النووية. كذلك
فإن الخطوات الإقليمية التى اتخذتها كلتا الدولتين الجارتين من أجل وضع حد لتدهور الأوضاع
الإنسانية فى قطاع غزة، وفى الوقت نفسه إنهاء المواجهة العسكرية بين آلة البطش الإسرائيلية
وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). في الوقت الذي ترى فيه الدولتان نفسيهما في قلب صراعات
الإقليم، وتعملان على إعادة قراءة وتعريف خريطة القوى والتحالفات فيه بما يمكنها من
التعامل والتفاعل معه بكيفية يفترض بها إن تحقق لكل منهما برنامجها الوطني والقومي.
وهذا يعني أن اتجاهات السياسة الإيرانية والتركية وتحولاتها بصدد القضايا الإقليمية
والعلاقات مع دول الجوار، سوف تكون بوجه عام جزءاً من فرص – أو قيود – كبيرة أو توافقات
– أو منافسات – لتعظيم المكاسب في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، كان لافتاً أن تشرع تركيا
في دبلوماسية ناشطة نحو الشرق، أي نحو المنطقة العربية، وكانت سوريا أيضاً هي التي
فتحت البوابة الشرقية لتركيا، وما لبثت أن اعتمدت عليها لإطلاق مفاوضات غير مباشرة
بينها وبين إسرائيل، كما استطاع البلدين تطوير تعاونهما الاقتصادي. كما أحدثت حرب غزة
شرخاً سياسياً في العلاقات التركية-الإسرائيلية، وساهمت في تلميع صورة تركيا عربياً
ما شجعها على الاقتراب أكثر فأكثر من مختلف الملفات العربية والتي كان على رأسها الملف
السوري، كما ساعد تركيا أيضاً على تحسين علاقاتها مع بغداد، وقامت بوساطة بينها وبين
دمشق على خلفية الاتهامات العراقية لسورية بإيواء عناصر متهمة بتدبير تفجيرات دموية
ضخمة في بغداد. وفي موازاة ذلك عززت أنقرة حوارها وتقاربها مع طهران، وذهب رئيس الوزراء
التركي، رجب طيب أردوغان، إلى حد الدفاع عن وجهة النظر الإيرانية في الخلاف النووي
مع الدول الغربية.
ثانياً : ملفات
الزيارة
بدورها شكلت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان إلى طهران ومباحثاته مع القادة الإيرانيين إلى بداية شراكة
حقيقية بين البلدين، وسط إرادة مشتركة من الجانبين لتطوير هذه العلاقات وتحقيق التطلعات
المتبادلة على المستويات الثنائية والإقليمية، والتي تطرقت إلى العديد من الملفات،
التي يمكن طرحها على النحو التالي:
1-
ملف العلاقات الثنائية:
تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورات
كبيرة خاصة في مجال إمدادات الغاز الإيراني لتركيا، والتي شكّلت بدورها حافزاً آخر
مهماً لإضفاء الدفء على العلاقات الإيرانية-التركية، حيث اقتربت إمدادت إيران لتركيا
بثلث احتياجاتها من الغاز، فإيران تأتي في المرتبة الثانية بعد روسيا في إمداد تركيا
بالغاز الطبيعي. هذا في حين بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 12 مليار دولار في
عام 2008، مقابل مليار دولار فقط في 2000، ثم شهد حجم التبادل التجاري بينهما قفزة
نوعية في عام 2001 ليبلغ 4,1 مليار دولار.
كما شكل تدفق السياح الإيرانيون والمنتوجات
التركية المصدَّرة الى إيران من المصادر المهمة لإيرادات الحكومة التركية. هذا في حين
توجت هذه الزيارة بالتوقيع على 7 اتفاقات للتعاون المشترك في مجالات الطاقة والقضاء
والصحة والتجارة، لتدعيم العلاقات بين البلدين، وبهذه الاتفاقيات الجديدة أصبح من المتوقع
أن تصبح تركيا بوابة للغاز الإيراني إلى أوروبا، ولعل هذا ما دفع بالمراقبين في البلدين
إلى التوقع بأن يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما عشرين مليار دولار في السنوات القليلة
المقبلة. كما أكد نائب وزير النفط الإيراني للتخطيط إبراهيم رضا فزون، ان إيران وتركيا
بحث خلال زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى طهران، الاستثمار التركي في
حقل جنوب فارس في المرحلتين السادسة والسابعة، باستثمارات تركيا تبلغ 3.5 إلى 4 مليارات
دولار أميركي. يشار إلى أن حقل جنوب فارس للغاز يحتوي على حوالي 14 تريليون متر مكعب
من الغاز، أو ما يساوي 8% تقريباً من إجمالي الاحتياطات العالمية.
ومن هنا، تجدر الإشارة
إلى أن رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أركان، كان قد عقد اتفاقًا مع إيران في
عام 1996، يقضي بقيام إيران بتصدير أربعة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الإيراني
إلى تركيا سنويًا ولمدة 22 عامًا بقيمة تبلغ 22 مليار دولار، على أن ينقل هذا الغاز
من إيران إلى تركيا، بواسطة خط أنابيب، يبلغ طوله 1370كيلو مترًا منها 270 كيلو مترًا
داخل تركيا تكلفتها المبدئية 1200 مليون دولار، على أن تتحمل تركيا تكاليف الجزء التركي
من خط الأنابيب، فضلاً عما أبدته من استعداد للمساهمة في تمويل بناء الجزء الإيراني
من الخط. وفي فبراير2007، وخلال تولي أردوغان رئاسة
الوزراء، وافقت تركيا وإيران على إبرام إتفاقيتي طاقة جديدتين يُسْمَحُ بموجب إحداهما
لشركة "بتروليوم كوربوريشن" التركية بالتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في
إيران، فيما تسمح الثانية بنقل الغاز من تركمنستان إلى تركيا وأوروبا عبر أنابيب نفط
تمر بإيران. فضلاً عن ذلك فقد تم عقد اتفاقات اقتصاديَّة وقَّعها من الجانب التركي
وزير الطاقة حلمي غُلَر، ومن الجانب الإيراني وزير الكهرباء برويز فتَّاح في 20 ديسمبر
2007، والتي تقضي بإنشاء خمس محطات لتوليد الكهرباء، وتقوية خطوط شبكات مشتركة بين
البلدين.
وبشكل عام، يشكل هيكل التجارة الخارجية لكل
من إيران وتركيا، عاملاً مهمًا في فرص توسع العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، لأنه
كلما كان هناك توافق بين صادرات وواردات إيران من جهة، وبين واردات وصادرات تركيا من
جهة أخرى، فإن إمكانية زيادة الصادرات الإيرانية لتركيا وزيادة الواردات الإيرانية
منها تتزايد في نطاق حجم التوافق المتحقق في هيكل التجارة الخارجية بين الدولتين. كذلك
فإن الجوار الجغرافي المباشر بين إيران وتركيا وما يترتب عليه من انخفاض نفقات النقل
والتأمين على حركة السلع والأفراد بينهما، يؤثر بشكل إيجابي على القدرة التنافسية لصادرات
إيران إلى تركيا.
وبالرغم من ذلك، فإن العلاقات الاقتصادية بين
إيران وتركيا، هي علاقات ضرورية، بمعنى أنها قائمة على "الضرورة" التي جعلت
تركيا تفضل الغاز الطبيعي الأقرب والأقل تكلفة. بعبارة أخرى، فإن هذه العلاقات ليست
قائمة على السعي الخلاق من أطرافها، لتطويرها وتوسيع نطاقها بقدر ما هي قائمة على ما
تفرضه الضرورة الاقتصادية من حدود دنيا لهذه العلاقات، والتي يمكن أن تتوسع بشكل كبير
لو توافرت إرادة سياسية لاستغلال الفرص القائمة لتوسيعها، وأيضًا لو تم وضع إطار تفضيلي
للعلاقات الاقتصادية بين الدولتين مثل إقامة منطقة تجارة حرة.
وعلى صعيد الملف النووي الإيراني، تحاول طهران الاستفادة من العلاقة التركية
الجيدة بالولايات المتحدة التي من المقرر أن يزورها أردوغان قريباً، حيث عززت الزيارة
التي قام بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الإيرانية طهران في
أواخر أكتوبر 2009، وذهب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إلى حد الدفاع عن وجهة
النظر الإيرانية في الخلاف النووي مع الدول الغربية، واتهم الدول الغربية بعدم الموضوعية
في التعامل مع الملف النووي الإيراني. كما وصف الاتهامات الغربية لإيران بأنها
"مجرد أقاويل تكشف عن نفاق قائليها". كما أشار إلى إن الدول التي تتهم إيران
فيما يتعلق بالنووي لا تنكر أن لديها في الوقت نفسه بنية أساسية نووية قوية، واعتبر
أن العمل العسكري ضد منشآت إيران سيكون نوعا من الجنون قائلا إنه من الخطأ التفكير
بتدمير إيران وإزاحتها بطريقة ما.
كما اقترح وزير الخارجية التركي أن تتبنى تركيا
جلسات الحوار المزمع عقدها بين الحكومة الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية وبقية
أعضاء مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، حيث تسعى تركيا نحو إنجاح الحوار الإيراني
– الغربي لتجنب المنطقة ويلات حرب أخرى، وفي الوقت نفسه يتم تحجيم الطموحات النووية
الإيرانية في المنطقة عبر الحوار المتبادل، خاصة أن تركيا لا تمتلك حالياً أسلحة نووية.
يتضح مما سبق، أن أردوغان أراد من وراء تلك
الزيارة توصيل رسالة إلى الغرب مفادها أن إسرائيل هي الخطر الأكبر على استقرار المنطقة
وليست إيران، بالإضافة إلى أن تركيا لن تكون الورقة الرابحة التي سيعتمد عليها أوباما
ونتنياهو في تنفيذ أية مغامرة عسكرية ضد إيران. ويستند موقف أردوغان هذا من اعتبارات
عدة، وهي أن امتلاك إسرائيل فقط للسلاح النووي يهدد كافة دول المنطقة بما فيها تركيا.
هذا بالإضافة إلى حرص تركيا على علاقاتها مع إيران سواء ما يتعلق منها بالتعاون في
مواجهة التحدي الذي يشكله الانفصاليون الأكراد أو فيما يتعلق بالنواحي الاقتصادية،
فتركيا تتبع سياسة جديدة تقوم على جذب الاستثمارات العربية والإسلامية.
ودأبت الحكومة التركية باستمرار على التأكيد
بأن من حق كل دولة امتلاك الطاقة النووية واستخدامها في الأهداف السلمية، وقد برز موقفها
هذا بصورة واضحة في السنوات الأخيرة، وفي كلمة لرئيس الحكومة نفسِه رجب طيب أردوغان
ألقاها في الولايات المتحدة الأمريكية وجه كلامه إلى الدّول الغربية قائلا: "إنه
ليس من العدل أن تمتلكوا أنتم مئات الأسلحة النووية بينما تقولون لإيران لا تفعلي ذلك".
هذا الموقف التركي من الملف النووي الإيراني قد يمكن أنقره من لعب دور الوسيط النزيه
بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية مستقبلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
2- الملفات
الإقليمية: كفلسطين – والعراق – والأكراد:
بات من الواضح أن الرؤية التركية – الإيرانية
تجاه هذه الملفات متقاربة جداً، وهي تنطلق من ضرورة إيجاد حلول لهذه القضايا من داخل
المنطقة، وبما يحصنها في وجه المشروعات الخارجية. هذا التقارب في الرؤية التركية –
الإيرانية دفع بسكرتير مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني محسن رضائي، خلال زيارته لأنقرة
قبل زيارة أردوغان لإيران، الى تشكيل "منظمة دول جنوب غرب آسيا"، على ان
تكون تركيا وإيران نواة هذا التكتل لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية
الإقليمية والدولية.
- الملف الفلسطيني: كان لمواقف أردوغان حيال القضية الفلسطينية
وموقفها أيضاً من الحكومة الإسرائيلية نتيجة اجتياحها لقطاع غزة، وما أدى إليه من توتر
العلاقات القائمة منذ زمن طويل مع إسرائيل، أو عندما انخرطت تركيا أكثر مع حماس وحزب
الله. أثر كبير في تعزيز العلاقات بين طهران وأنقرة. ومن هذا المنطلق ترى إيران في
تنامي الدور التركي في الشرق الأوسط ينسجم مع توجهاتها. ومن جانبه يرى أردوغان أن تسوية
إسرائيلية ـ فلسطينية شرط أساسي للاستقرار الاستراتيجي في باحة تركيا الخلفية، لكنه
توصل إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية ليس لديها أي اهتمام بعقد صفقة. وكانت
تركيا تحاول دائماً توظيف علاقاتها الجيدة مع القوي المعادية لأمريكا مثل إيران وحماس
وسوريا وحتى مع حزب الله، من أجل القيام بأدوار معينة لا تستطيع دول أخري القيام بها.
وكانت تسعي دائمًا إلي إقناع واشنطن بضرورة حل المشكلات بالحوار. لكن تواصل تركيا مع
هذه القوى لم يؤد إلي نتائج عملية بسبب تعنت المحافظين الجدد وإسرائيل والإصرار علي
سياسة الفوضي الهدامة والعنف لإخضاع القوي المعارضة لسياساتهم تمهيدًا لتقسيم المنطقة
وبث الفتن الطائفية. لذا كان مثالاً لذلك الغضب الأمريكى والإسرائيلى الكبير علي استقبال
أنقرة لرئيس المكتب السياسى لحركة حماس خالد مشعل فى فبراير 2006، والرغبة الأمريكية
الدائمة بعدم التواصل التركى مع سوريا. والتي ترى تركيا في دعوتها لقادة حماس إلى تركيا
بعد فوزها فى الانتخابات المحلية عام 2005، وفوزها في الانتخابات البرلمانية عام
2006، إتباع سياسة الارتباط الدبلوماسي بحماس من أجل استباق أي مشكلات محتملة، بدلاً
من إضعافها من خلال فرض إجراءات اقتصادية ضدها، مما جعلها تبحث عن حلفاء في الشرق الأوسط
لإنهاء الحصار الاقتصادي الذي فرضه النظام الدولي عليها، مما أدى إلى التحاقها بالمحور
الإيراني – السوري – حزب الله. وعندما وجدت أمريكا أن لها مصلحة سمحت لتركيا المشاركة
فى عديد قوات اليونيفيل فى جنوب لبنان بعد العدوان الإسرائيلى فى يوليو- أغسطس
2006، ولم تتردد تركيا فى القبول بهذا الدور وإن ضمن شروط تحفظ لها الخروج من المستنقع
اللبنانى إذا اقتضت الضرورة عندما صرح أردوغان أنه إذا تحولت مهمة اليونيفيل إلي نزع
سلاح حزب الله فسوف تنسحب القوات التركية من لبنان.
-
الملف العراقي : شكلت حكومة بغداد بعد سقوط نظام الرئيس
العراقي السابق صدام حسين، تحدياً علنيا لدول الجوار العراقي سواء فيما يتعلق بتوجهاتها
المحتملة لسياساتها الخارجية أو بتفاعلاتها الداخلية من جهة، كما فرض وجود القوات الأمريكية
على شكل قواعد وثكنات عسكرية في العراق، في اطار الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن
في عام 2008، تحدياً أمنيأً صعباً، حيث أن هذه القواعد العسكرية على مقربة من اهداف
حيوية ايرانية أو سورية، تمخض عنها حالة ترقب لما يجري لدى دمشق وطهران ومعهما تركيا
تجاه العراق الجديد وتعزيز دورهم في صياغته كضمانة مستقبلية لامنهم. كما كان على دول
الجوار التنسيق فيما بينهم لكي لا يؤثر الوضع الحالي العراقي على استقرار تلك الدول
خاصة مع امكانية اعطاء اكراد العراق حق المشاركة في تقرير مصيرهم، حيث تعيش في كل من
تركيا وإيران أقليات كردية وهما يتخوفان من أن يؤدي حصول الأكراد في شمال العراق على
حكم ذاتي إلى تقوية الطموحات الانفصالية للأكراد. ومن ثم، وقعت إيران وتركيا العديد
من الاتفاقيات في المجالات الأمنية والعسكرية خلال السنوات الماضية بشأن مواجهة الانفصاليين
الأكراد القابعين في المثلث الحدودي الإيراني التركي العراقي. كما وقع الجانبين اتفاق
بشأن مكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات وضبط الأمن على
الحدود الإيرانية التركية، وجاء ذلك في أعقاب توجيه قوات الأمن والجيش الإيراني ضربات
قوية إلى عناصر تابعة لحزب العمال الكردستاني التركي، خلال مواجهات مسلحة عند الحدود
المشتركة داخل منطقة كردستان أسفرت حسبما أعلنت إيران عن مصرع جنديين إيرانيين وعشرة
من عناصر حزب العمال، وذلك في وقت تخوض فيه قوات الأمن التركية اشتباكات متفرقة مع
عناصر من حزب العمال الذي يشن عمليات إرهابية في مناطق جنوب شرق تركيا. ودوماً ما لعبت
المسألة الكردية دورا حيويا وأهمية خاصة في العلاقات الايرانية – التركية – السورية
الى درجة ان البعض اطلق على تسميته تكريد الصراع أو تطويل امده وذلك بسبب مخاوف دول
الجوار العراقي من منح اكراد العراق فدرالية كاملة قد تنتهي في يوم ما باستقلال كامل.
ومن جهة أخرى، تجد واشنطن في اكراد العراق حليفا مناسبا لمواجهة المد الشيعي الصاعد
والذي يعتبره البعض امتدادا للنفوذ الايراني ومحاولة تكوين وحدات كردية قادرة على اختراق
جماعات المقاومة السنية والشيعية كما ان هذا الوجود سيشكل تهديدا للأمن السوري من خلال
الاكراد الموجودين في سورية. وبالتالي تحقق الولايات المتحدة بين الضغط على شمال اسرائيل
عبر حزب الله بضغط مقابل على شمال سورية عن طريق اكراد سورية. واستنادا على هذه الرؤية
المستقبلية فقد حدث تحسن ملحوظ بين سورية وتركيا من جهة وتركيا وايران من جهة اخرى،
وحدوث ما يشبه مراجعة تركية للتحالف مع اسرائيل، خاصة في ضوء الحرب على غزة وما تابعها
من توتر العلاقات مؤخراً بين إسرائيل وتركيا، وفي ظل أيضاً سياسة إسرائيل التي تسعى
نحو دعم الأقليات ولاسيما الأكراد الذين يتطلعون إلى إقامة دولتهم القومية. ومن أجل
ذلك وقعت كل من تركيا وسوريا اتفاق استراتيجي في 11 يوليو 2008، واتفاق من أجل التعاون
المشترك بينهما، والذي سبقه مناورات عسكرية أجرتها البلدان في مايو 2009، وهي الأولى
من نوعها في تاريخ البلدين، والذي يأتي في سياق أن ما يحدث في شمال العراق يؤثر بشكل
مباشر على التطورات الأمنية في تركيا نفسها، خاصة فيما يتعلق بالملف الكردي. وإمتداداً
للدور السياسي والعسكري التركي في العراق لتهدئة الأوضاع على الساحة العراقية، فقد
استطاعت تركيا مؤخراً بالتعاون مع الجامعة العربية في أحتواء النزاع العراقي – السوري
الذي كاد يتحول إلى مسألة دولية، بسبب زعم بعض المسئولين العراقيين أن بعض زعماء بعض
حزب "البعث" السابقين في العراق يتخذون من دمشق مقراً لهم، وأنهم مسئولون
عن بعض الأعمال التفجيرية التي تعرضت لها بغداد مؤخراً.
3- التقارب
التركي – الإيراني – السوري:
تدخل سوريا الحليف الاستراتيجي لإيران، والتي
تتحسن علاقاتها مع تركيا بشكل استراتيجي ضمن أولويات العلاقات التركية – الإيرانية،
نظراً إلى أن ملفات إيران وفلسطين ولبنان تدخل ضمن أولويات السياسة السورية، فقد كان
للهواجس الخفية للعلاقة بين تركيا واسرائيل مصدراً للقلق والتوتر لدى ايران وسورية،
حيث وجد الجانبان دائما هذا التحالف الشبه الاستراتيجي، موجها ضدهما ونحوهما، خاصة
فيما يتعلق بالابعاد السياسية والعسكرية مما خلق لهما امتعاضا ملحوظا تجاه نوايا البلدين
في منطقة الشرق الاوسط. ودفع هذا التلاحم بين انقرة وتل ابيب رجالات الدولة في ايران
وعن طريق دمشق الى محاولة فتح صفحة علاقات جديدة وقوية مع بعض الدول العربية بحيث تزامنت
هذه النزعة الايرانية مع بوادر التغيير في الازمة الاخيرة بين تركيا واسرائيل خاصة
مع صعود رجب طيب اردوغان وبالذات في الفترة التي وصف فيها اردوغان الممارسات الاسرائيلية
تجاه الفلسطينيين بانها "إرهاب دولة" وانها تماثل معاناة اليهود في اسبانيا.
هذا الامتعاض التركي تلتها شكوك الاتراك حول النوايا الاسرائيلية في المنطقة.
وفي موازاة ذلك، عززت الزيارة التي قام بها
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الإيرانية طهران في أواخر أكتوبر
2009، إلى التناغم بين تركيا وإيران وسورية، المبني على تقاطع مصالح سياسية واقتصادية،
طرح إمكان تطوره إلى ما يشبه التحالف، خصوصاً أن أطرافه على علاقة بالقضايا الساخنة
في المنطقة. وفي حين أن تركيا لا توحي بأنها تهدف إلى إيجاد صيغة تحالفية، وكذلك إيران
التي توسع نفوذها على رغم العزلة الدبلوماسية المفروضة عليها، تسعى سورية فعلاً إلى
تطوير لقاء المصالح ليصبح تحالفاً معلناً، ونعتبر أنها الطرف الذي هندس التفاهم الثلاثي
الحالي. وخلال القمة السعودية-السورية الأخيرة في دمشق، حاول الرئيس بشار الأسد إقناع
العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز بفكرة الانضمام إلى هذا التفاهم على أساس
أنه يكسر الحاجز أمام الحوار العربي-الإيراني، وهو حوار تعتقد دمشق أنه مفيد وضروري
تحسباً لأي احتمال مستقبلي سواء توصل الغرب إلى تفاهم مع إيران، أو ذهب على العكس إلى
مواجهة عسكرية معها.
تبقى المرحلة انتقالية إذاً، ولذلك تطرح فيها
أفكار ومشاريع بعضها قابل للتطبيق ويمكن البناء عليه مستقبلاً، وبعضها الآخر يصلح فقط
لوضع ضوابط آنية للخلافات والصراعات الدائرة. فإيران لا تمانع أي تقارب معها على قاعدة
أنه يدعم المكانة التي استطاعت تحصيلها. وسورية التي عانت من العزل الأمريكي تحاول
طرق كل الأبواب للتملص من مفاعيل هذا العزل، وتتمسك بأوراقها اللبنانية والفلسطينية
والعراقية حفاظاً على فاعليتها الاستراتيجية. أما تركيا المستاءة من مماطلة الاتحاد
الأوروبي في ضمها إليه، فوجدت في الانفتاح السوري عليها ما يمكنها من ممارسة دور إقليمي
ودخول أسواق جديدة. ثمة واقعية في توجهات هذه الدول الثلاث، إلا أنها لا تجهل أنها
في مرحلة انتقالية، وأن تعاونها الحالي قد يتلاشى لاحقاً بفعل الأمر الواقع، أو قد
يكون نواة لتعاون أوسع إذا سمحت التسويات الدولية-الإقليمية ببلورته وتطويره.
وعلى الرغم من ذلك، أصبح لا شيء يمنع أن تتحاور
الدول الثلاث وأن تتعاون وأن تحاول تنسيق سياساتها في أطر محددة، لكن هذه الدول تتفاعل
في إقليم مضطرب، ومن الطبيعي أن يصطدم تعاونها بالمصالح الدولية. فتركيا التي تجاوزت
عملياً أزماتها الاقتصادية والسياسية تبدو متعافية وواثقة من نفسها، لكنها مهما انفتحت
لا تستطيع التحرك بعيداً عن الخط الرئيسي المتمثل بعلاقتها مع الولايات المتحدة. أما
إيران وسورية فلا تزالان بعيدتين عن ذلك الخط، بل على خلاف شديد معه. وبالتالي فمهما
تقاربت الدول الثلاث فستبقى هناك روادع تحول دون انخراطها فيما يشبه الحلف.
4-
إيران وتوتر العلاقات التركية – الإسرائيلية:
على الرغم من التحفظ الإيراني بشأن العلاقات
التركية – الإسرائيلية، التي أحرزت تقدماً ملحوظاً خلال الفترة ما بين 1994 - 2006،
التي وقعت خلالها تركيا مجموعة من الاتفاقيات مع إسرائيل تقضي بالتعاون العسكري والمناورات
المشتركة، وكانت تشرف على هذه الاتفاقيات المؤسسة العسكرية التركية، مما أدى إلى قلق
إيران بشأن مدى تطور العلاقات بينهما، ومدى انعكاساته على الأمن القومي الإيراني. ومن
ثم اجتذبت التطورات الأخيرة على صعيد تدهور العلاقات التركية – الإسرائيلية من ناحية،
وصعود العلاقات التركية – السورية من ناحية أخرى، الأنظار الإيرانية التي ترى في ضوء
التوتر الذي بدأ يسود بين تركيا وإسرائيل، بوادر تغير في خريطة التحالفات الاستراتيجية
في المنطقة، الأمر الذي أضحى أن ثمة تقارب تركي – إيراني – سوري ينطلق من روابط الجوار
والمصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة، وبسبب أيضاً المواقف البطولية التي تزعمها
أردوغان ضد إسرائيل خلال حرب غزة وما تبعها من أحداث.
والواقع
أن التوتر الذي أضحى يخيم على العلاقات التركية – الإسرائيلية مؤخراً قد بدأ بسلسلة
خطوات قامت بها تركيا منها، تنديد ورفض الجانب التركي للعدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة الذي بدا في 27 ديسمبر 2008، حيث عبر رئيس الوزراء رجب طيب أوردوغان عن استيائه
من تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي. كما اعتبر رئيس الوزراء التركي أردوغان نتائج الانتخابات
الإسرائيلية التي أجريت في العاشر من فبراير 2009، والتي تمخضت عن فوز كل من نتنياهو
وليبرمان، بأنها تقود إلى مستقبل مظلم في المنطقة، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة إلى
مزيد من التوتر في المستقبل بين أنقرة وتل أبيب. كما تم إلغاء مشروع الأقمار الصناعية
للصناعات العسكرية الإسرائيلية، وإلغاء وزير الخارجية التركي أحمد دادو أوغلو زيارته
لإسرائيل في الفترة ما بين 20-22 أكتوبر 2009، بعدما رفض الالتزام مسقباً بعدم دخول
غزة عبر معبر ايريز، ثم المشادّة الكلامية بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس
الإسرائيلي شمعون بيريز في منتدى دافوس في
29 يناير 2009، حينما وصف أردوغان العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها
"جرائم حرب"، إضافة إلى إعلان تركيا إنها تعتزم الطلب من مجلس الأمن النظر
في تقرير جولدستون الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم في حق الشعب الفلسطيني أثناء الحرب
على غزة، إضافة إلى البرود في التعاون الأمني – الاستراتيجي بين البلدين إلى أن تصاعدت
حدة التوتر بعد أن قررت تركيا إلغاء مشاركة إسرائيل في مناورات "نسر الأناضول"
التي كان من المقرر أن تشارك فيها الولايات المتحدة وإيطاليا إلى جانب تركيا وإسرائيل.
خاتمة :
أوضحت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي
رجب طيب أردوغان إلى إيران، عدة أمور هامة يأتي على رأسها:
أولا: الزيارة تمثل محطة مهمة في تطور سريع
الإيقاع حققته العلاقات التركية – الإيرانية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، بعد
سنوات من الجمود والحذر منذ انتصار الثورة الإيرانية، وقد لعبت سوريا دورا حيويا منذ
غزو العراق في بناء جسور الحوار و الثقة بين طهران وأنقرة بناء على مجموعة متشابكة
من المصالح المشتركة تحركت بداية من احتواء المخاطر الناتجة عن الغزو الأميركي للعراق
وتنشيط إسرائيل لأجهزة مخابراتها في كردستان العراقية بصورة خاصة وما تبع ذلك من تهديد
لأمن الدول الثلاث التي تتلاقى على مواجهة مشاريع الفدرالية والتقسيم التي أطلقتها
إدارة جورج بوش بالتعاون مع الإسرائيليين في العراق، و قد تراكمت مساحة واسعة من التفاهمات
السياسية والمصالح المشتركة بين تركيا وإيران بالتلاقي على مفهوم الأمن الإقليمي الذي
قدم صياغته الرئيس بشار الأسد من خلال مبدئي رفض الهيمنة الأجنبية والتدخلات الأجنبية
واعتبار العدوانية الإسرائيلية التهديد الرئيسي لأمن المنطقة و استقرارها و بالتالي
التمسك بإنتاج آليات للتفاهم الإقليمي في الجوار العربي و الإسلامي بصورة استقلالية
تقاوم الاحتلال والتدخل و الهيمنة .
ثانيا: من الواضح إن التحولات المتلاحقة في
الموقف السياسي التركي من الصراع العربي – الإسرائيلي ومن القضية الفلسطينية بصورة
خاصة، تحظى بتقدير واحترام كبيرين لدى القيادة الإيرانية كما عبر الرئيس نجاد و قد
أضاف أردوغان خلال الأيام القليلة الماضية بادرة جديدة ومهمة في صياغة موقف تركي داعم
لإيران في معركتها السياسية والدبلوماسية للظفر بحقها في امتلاك الطاقة النووية السلمية
والموقف التركي الذي أعلنه رئيس الحكومة كان متقدما وواضحا برفض الذرائع التي تطرحها
دول تمتلك ترسانات نووية تهد السلم والأمن في العالم لمنع إيران من تطوير الطاقة النووية
السلمية والعين في الشرق هي على ترسانة إسرائيل المحمية أميركيا .
ثالثا: الاتفاقات الاقتصادية التي تم إبرامها
في الزيارة تستكمل عقد الشراكات التي ستشمل خطوط نقل الغاز والنفط و التطوير المنهجي
للتعاون الصناعي والتبادل التجاري بين البلدين العملاقين في المنطقة و اللذين يعيشان
حالة من التنمية المتسارعة لقدراتهما الاقتصادية وتمثل أسواقهما قوة جذب واستقطاب كبرى
في حساب الاستثمارات العالمية . هذه النزعة التكاملية اقتصاديا تترافق مع الخطوة التاريخية
التي تحققت بين سوريا و تركيا بإزالة الحدود وتحرير التبادل والانتقال بين البلدين
ومن ضمن التوجهات التي توافقت عليها الدول الثلاث لبناء تكتل مشرقي عربي إسلامي على
أسس راسخة وهذا ما يعني تبلور قوة إقليمية وازنة تتشكل في المنطقة وهي مؤهلة في إشعاع
تأثيرها لتغيير العديد من المعادلات والقواعد التقليدية في الوضع الاستراتيجي العام
للشرق .
رابعا: كلام الرئيس نجاد عن الفراغ الاستراتيجي
يمثل ردا على النظرية الغربية التي تناولت الوضع الإقليمي ما بعد الخروج الأميركي من
العراق وهو الهاجس الذي يحرك التعجيل بخطوات التحالف الإستراتيجي الأميركي – الإسرائيلي
تحت عنوان حماية إسرائيل من نتائج الهزائم التي منيت بها الغزوة الأميركية – الإسرائيلية
خلال السنوات الأخيرة في ثلاث حروب متلاحقة ما تزال فصولها و تداعياتها مستمرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق