حلف الاطلنطي
وقد تأسس حلف الاطلنطي في
أعقاب ما شهدته أوروبا من أهوال في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي أدت
إلى فقر شديد في بريطانيا وانقسام ألمانيا إلي قسمين وتفجر الخلافات مع الاتحاد
السوفييتي القديم
وقام الحلف في هذا الوقت ردا علي وجود عاطفتين قويتين هما الخوف والأمل، الخوف من عالم سريع التغير لا أمان له حيث النظام العالمي غير ثابت وكان الأمل في أن الأسوأ قد مر بالفعل أبان الحرب العالمية الثانية وما تلاها من أحداث جسام هددت البشرية بالفناء وقتها، وتم تشكيل قوة حلف شمال الاطلنطي كقوة دفاع وأصبح الناتو أهم لاعب علي الساحة الدولية وقتها .
وشهدت الفترة منذ إقامة الحلف وحتى الآن تغيرات هائلة علي كافة الأصعدة حيث اتسعت رقعة التغيير غير المسبوقة في حضارة الإنسانية جمعاء وخرجت علينا الاتصالات الرقمية والترحال بكثافة عبر دول العالم مما جعل العالم كله أكثر ترابطا ولكن وعلى الرغم من هذا التقدم الذى يشهده العالم إلا أن مشاعر الخوف ماتزال موجودة.
ويرى المراقبون السياسيون أن أهم ما يشغل قادة دول وحكومات الحلف هو تفعيل واستمرارية قوة الحلف على مختلف الأصعدة وفي تنفيذ استراتيجته المنظمة وتوزيع الاعباء علي الدول الاعضاء، فضلا عن تحقيق التأييد الشعبي وهو ما يجعله أكثر حيوية للتحالف، إضافة إلي قدرة التحالف علي دعم الأمن والاستقرار وهو الهدف الذى يعتبر اختبارا لفاعلية حلف الاطلنطي من عدمه.
وتعد علاقة الحلف بروسيا نقطة اهتمام كبيرة يركز عليها الحلف ويسعي إلى تحويل الوضع الذى وصلت إليه الأمور مع روسيا إلى رؤية عملية لتعاون مبرمج، من أجل تدعيم الحلف وتقويته خلال الفترة المقبل.
وكما تعتبر قواعد اتخاذ القرار داخل عملية مقلقة جدا في ظل تزايد أعضاء الحزب، لذلك لابد للحلف أن يعترف أن تزايد عضويته ستتهدد اعتماده على الاجماع في اتخاذ القرارات، وأن يؤكد علي ضرورة وجود توجه أكثر مرونة فيما يتعلق بمسألة اتخاذه للقرارات.
أما بالنسبة لطموحات الحلف علي المستوي العالمي، فإن تحول هذا الكيان إلى تحالف دولي من الديمقراطيات يسرع في تفككه وليس تجدد الروح فيه وأي ما تكون الجدوى من توسعة عضوية الحلف فإن القول الآن هو أن توسع نطاق عضوية الحلف جاءت علي حساب علاقاته بروسيا، خاصة أن كان فكر القيادة الروسية نفسها وشعبها علي السواء أن توسعة الاطلنطي تجاه الشرق إنما يهدد أمن وكيان الاتحاد الروسي نفسه.
وفي ظل تودد حلف الأطلنطي لروسيا ومحاولة وصل الود بين الجانبين، يبدو من الواضح أن الحلف يسعى حاليا ويبدو مستعدا الآن لأن يتوقف عن التزاماته التي اتفق عليها في قمة بوخارست في العام الماضى، وأن يتمهل قبل أن يمنح جورجيا واوكرانيا عضويته خاصة أنه كلما اقترب من منح هذه العضوية للبلدين كلما زادت علاقاته سوءا بالاتحاد الروسي.
ويعتبر السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق الآن هو أن يجد الحلف سبيلا ليشجع موسكو علي أن تكون مساهمة بشكل أكثر فاعلية في نظام الأمن الأوروبي من خلال جعل روسيا مشاركا أكثر من كونها مجرد كيان في تطور حلف شمال الاطلنطي، خاصة أن الحرب الباردة انتهت منذ أكثر من عشرين عام ولابد للحلف أن يبذل جهودا كبيرة لاعادة روسيا إلي تسوية مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
ويأمل حلف الاطلنطي خلال الفترة المقبلة في إيجاد صيغة يصل بها إلي روسيا وأن يبدأ حوارا استراتيجيا يتضح من خلاله أن الدول الأعضاء في الحلف مرتبطون وبشكل أوثق وأكثر التزاما بدخول روسيا إلى المجتمع الأوروبي الاطلنطي .
ويرى المراقبون السياسيون أن هذا الحوار الاستراتيجي من الممكن له أن يبدأ باستطلاع أفضل السبل لتفعيل دور مجلس روسيا الاطلنطي، وهو المجلس الذى سبق أن أوقف العمل فيه في أعقاب أحداث جورجيا في أبريل الماضى، بل وتحقيق أقصي قدر من الاستفادة من هذا المجلس.
ويوضح المراقبون أن علي الدول الاعضاء في الناتو أن يلتقطوا دعوة موسكو في البدء في التفكير الجديد من أجل تحقيق بناء منظومة جديدة للامن الاوروبي كما أن هناك ضرورة لأن يكون هذا الحوار من خلال تعاون استراتيجي ثابت خاصة في العديد من الموضوعات مثل الصواريخ الدفاعية وتواجد الحلف في افغانستان والتوجه الدبلوماسي مع إيران.
كما لابد أن يبحث الحلف جيدا
مسألة توسع عضويته المستمرة خاصة أن هذا الأمر يستدعى ضرورة إصلاح عملية اتخاذ
القرار داخل الحلف، حيث إن الاعتماد علي الاجماع في اتخاذ قرارات الحلف قد يصبح
سبيلا إلى الشلل التام، وقد يصيب الحلف بحالة من الجمود التام
.
وتفيد تقارير صحفية بأن التأكيد علي ضرورة احداث التغيير والاصلاح انما هي الاستراتيجية التي يعمل من خلالها الحلف وتعقيداتها هي التي كانت سببا في وجود التضامن داخل الحلف خاصة خلال الحرب الباردة .
وأوضحت أن الاختلاف الكبير في الرأي حول افغانستان وحول عدم التأني في منح جورجيا عضوية حلف الاطلنطي وحول العلاقات مع روسيا لا يعمق الخلافات التي سرعان ما ستنتهي .
ويستبعد المراقبون السياسيون أن يوافق أعضاء الحلف علي التخلي عن الاجماع في اتخاذ القرار خاصة في موضوعات تخص الحرب والسلام ولكن وفي أغلب الموضوعات الاخري فإنه قد حان الوقت لأن يجد الحلف سبيلا آخر أكثر مرونة في عملية اتخاذ القرار حتي يتسنى التحقق من أن تحجر رأي البعض تجاه موضوعات بعينها لا يقف عقبة أمام اتخاذ قرار فاعل.
ومن المتوقع أن يواجه أعضاء الناتو هذه المسألة قريبا، وهو الامر الذى طرحته الولايات المتحدة من قبل حيث طالبت أمريكا بأن يتسع نطاق حلف الاطلنطي ليشمل التحول إلي خارج أوروبا وتحول الكيان إلي كيانات أكثر اتساعا علي المستوي العالمي ليشتمل كافة الديمقراطيات، وأن يتم إعادة صياغة علاقة الحلف بروسيا وإعادة صياغة عملية اتخاذ القرار داخل الحلف وهو ما يتطلب حوارا متأنيا.
يأتي احتفال الحلف الاطلنطي بمرور ستين عاما علي تأسيسه في وقت يشهد فيه الحلف المزيد من التحديات، ففي البلقان وشرق أوروبا كما هو الحال في افغانستان تتمثل التحديات حيث لم ينته الحلف تماما من الكثير من هذه العمليات التي يجب أن يحسمها قبل أن يشرع في الدخول في عمليات جديدة.
وعلى الرغم من هذا كله، إلا أن للحلف الكثير من المهام التي من المفترض أن يكملها، فعليه أن يطور علاقاته المتوسطية وأن يعمل علي مساعدة الدول على أن تساعد نفسها بما في ذلك تقديم العون والتدريب بفرضية أن الحلف نموذج مؤسسي وعليه أن يشارك مع الدول الأعضاء في الحوار في مهام محدودة.
كما يأتى الاحتفال أيضا في وقت يواجه الحلف فيها تحديات أكبر فمن المفترض الآن أن الحلف يدعم مكاسبه التي حققها بالتوجه نحو روسيا وأن يحدث عملية اتخاذه للقرار بحيث تنعكس علي عضويته المتسعة.
تحد كبير
ويبقي تحد كبير أمام الحلف بما في ذلك توسعة الحلف والوضع في افغانستان وعمليات التحول التي يشهدها الحلف فبعض الحلفاء يرغبون الآن في عودة الحلف إلى وضعه الدفاعي والذى يركز بداية على مواجهة التهديدات التي تتهدد حدود دولة، والبعض الآخر يرغب في أن يركز الحلف علي عمليات بعينها عمليات الحملة الواحدة مثلما الحال في عملية (إيساف) في افغانستان
.
ويعد حلف الاطلنطي مطالب بوجود حل لكيفية مساعدة بولندا واستونيا ولتوانيا لتجنب أخطار روسيا وتهديداتها، ولكي يتم ذلك فلابد من إقامة كيان غير عسكرى في المنطقة لمعهد للبحث أو مركز للتدريب مما يعطي الدول الأعضاء في الحلف الانطباع بأن حلفاءهم يكترثون بهم دون أن يكونوا مثيرين لمشاعر موسكو.
كما تعتبر عملية توطيد
علاقات الحلف مع الاتحاد الأوروبي أهم من تدعيم قوة الحلف العسكرية وإمكاناته، فقد
اثبتت التجارب في افغانستان وفي البلقان أن القوة العسكرية ليست وحدها بكافية
لضمان نجاح الحلف في مهامه .
ويعتبر الاحتفال بمرور ستين عاما علي اقامة حلف الاطلنطي مناسبة هامة في تاريخ التحالف الذى بدأ بـ 14 عضوا وساهم في تحقيق الامن والحرية والرخاء لشعوب الدول الاعضاء .
محطات في تاريخ الناتو
1949 ـ تأسس الحلف من قبل الولايات المتحدة
الأمريكية وكندا وعشر دول أوروبية غربية لمواجهة التوسع السوفيتى فى أوروبا، وكان
المبدأ الأساسى للحلف هو الدفاع المشترك.
1950 - أظهر
اندلاع الحرب الكورية مدى التهديد الذى تمثله الدول الشيوعية، ودفع منظمة الناتو
إلى التحول إلى حلف عسكرى.
1952 - انضمت اليونان وتركيا
للحلف.
1953 - كان الحلف يمتلك 35
فرقة عسكرية، وأسلحة نووية .
1955 - انضمت ألمانيا
الغربية للناتو، واستدعى ذلك رد فعل فوريا حيث تأسس حلف وارسو الذي ضم الاتحاد
السوفيتى، ألبانيا، بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا، ألمانيا الشرقية، المجر، بولندا،
رومانيا، ليكتمل مشهد الحرب الباردة على الجانبين.
1961 - أزمة جدار برلين حيث
وصلت الأزمة ذروتها بين موسكو وواشنطن حول تحديد وضع ألمانيا.
1966 - قرر الرئيس الفرنسى
شارل ديجول رفض إشراك القوات الفرنسية ضمن حلف الناتو، احتجاجا على هيمنة القادة
العسكريين الأمريكيين.
1989 - دخل حلف الناتو مرحلة
جديدة تماما بعد تساقط الأنظمة الشيوعية.
1991 - أول مهمة عسكرية
للحلف فى الفترة التى شهدت تفتت يوغسلافيا السابقة.
1999 - أمر سكرتير عام حلف
الناتو خابيير سولانا بغارات جوية مكثفة ضد يوغسلافيا بهدف وقف حملات الإبادة ضد
المدنيين الألبان فى إقليم كوسوفو.
2001 - قوات الأطلسى والحرب
على الإرهاب
2003 - قوات الأطلسى فى
أفغانستان
2008 - تعرضت العلاقات بين
حلف شمالى الأطلسى وروسيا إلى ضغوط شديدة بسبب الحرب على جورجيا فى أغسطس من نفس
السنة وبعد اعتراف موسكو بالمناطق الانفصالية وهى أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
2009 - قرر الرئيس الفرنسى
نيكولا ساركوزى العودة إلى حلف الناتو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق